وجّه الرئيس نجيب ميقاتي رسالة إلى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان نُشِرت بتاريخ 16/6/2014، هذا نصها:
تدركون أنني ترأست حكومتين في المرحلة التي أعقبت اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وأنني على مدى استمراري في الحكم حميت وضمنت استمرار عمل المحكمة الدولية، آمنت بها وأمنّت لها التمويل السنوي المستحق على لبنان، على الرغم من الاعتراضات التي كانت تواجهني داخل لبنان.
لقد كانت رحلتي تمر عبر عقبات جمة، ووقفت في وجه الريح حتى لا تتسرب إلى مناصبكم وقاعاتكم، كدت ان اخرج من منصبي طوعا كي تصمدون في منصبكم وتخلصون الى حقيقة ننشدها جميعا، حقيقة كشف قتلة الرئيس الحريري.
انني، ومن روحية ما آمن به الرئيس الشهيد رفيق الحريري، اتوجه اليكم في كتابي هذا طالبا منكم السير على مبادئه لناحية احترام الحريات وصون مبادئها، وهو الذي أرسى دعائمها وحصّن عالمنا الاعلامي من خلال خوضه معارك داخل مجلس النواب لتعطيل اي مادة من المواد القانونية التي كانت جائرة بحق الصحافيين.
ولا يسعني الا ان ألفت عنايتكم الى مواد في الدستور اللبناني كفلت حق التعبير وتحديدا المادة 13 منه، كما ان العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ضَمن في المادة 19 منه حق حرية التعبير لكل شخص والتماس مختلف انواع المعلومات والافكار وتلقيها ونقلها الى اخرين دونما اعتبار للحدود الجغرافية، عدا عن ما تضمنه قانون البث التلفزيوني والاذاعي 382/94 الذي يفتح افاقا على الحريات وينيط مخالفات الاعلاميين بمحكمة المطبوعات اللبنانية.
ومن هنا فإن مبدأ حرية الاعلام راسخ لدينا كلبنانيين وله نظُمه وقوانينه التي رسمها المشترع اللبناني ، ومن صلب العمل الصحافي اعتماد تقصي المعلومات ضمانا لحسن سير العمل السياسي و القضائي ضمن حدود القانون ودونما انزلاق الى ما هو محظور.
كما ان تقرير الأمين العام بتاريخ 15/11/2006، عن المحكمة أورد في البند الثالث نطاق اختصاص المحكمة من حيث الزمن والا شخاص والموضوع.
كذلك فان مذكرة التفاهم الموقّعة بين الحكومتين اللبنانية ومكتب النائب العام في المحكمة بتاريخ 5/6/2009، أوجبت، حصول التنسيق المناسب بين مكتب النائب العام في المحكمة والوزارات المعنية والمراجع القضائية والمؤسسات الرسمية.
وأجدني امام هذه المبادئ قد لمست توسيعا لصلاحيات المحكمة الدولية بما يشتت صلب مهامها الا وهو كشف حقيقة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وعليه فانني مع ثقتي الكاملة بحسن ادارتكم للمحكمة اتمنى ان يعاد تصويب عملها كي تركز على موضوعها الاساسي كي لا تكون عرضة للمتاهات والاقاويل السياسية التي يمكن ان تعرضها لفقدان مصداقيتها في لبنان. كما اتمنى ان يتم تحويل الملفات المتعلقة بالاعلام اللبناني الى القضاء المختص في لبنان لأنني على يقين ان القضاء اللبناني يبقى المرجع الصالح للنظر في امور منفصلة عن القضايا التي تدخل ضمن اختصاص المحكمة الاساسية.
اتمنى ان تكونوا على ثقة بصدقيتي تجاهكم لأن همي الأول هو ان تتفرغوا الى الحقيقة الاهم التي طال انتظارها انصافا لحق الشهيد رفيق الحريري. ودامت عدالتكم في خطها الصحيح.
*****
وقد أدلى الرئيس ميقاتي بتصريح بتاريخ 18/6/2014 لدى مغادرته مقر مجلس النواب بعد حضوره للمشاركة في جلسة إنتخاب رئيس الجمهورية، ردّ فيه على سؤال يتعلق بسلسلة الرتب والرواتب وقول البعض أن لا دور لمجلس النواب في هذه المرحلة سوى إنتخاب رئيس الجمهورية.
فقال الرئيس ميقاتي: لمجلس النواب الحق بالتشريع في أي وقت وممارسة صلاحياته كاملة، بغض النظر عن الإخفاق في إنتخاب رئيس للجمهورية. أما بالنسبة إلى موقفي من موضوع سلسلة الرتب والرواتب، هناك حتى الآن مقاربة تعطي إنطباعاً وكأن السلسلة ستأتي على حساب الخزينة العامة والإقتصاد الوطني بشكل عام. وخلال الحكومة السابقة التي رأستها أرسلنا إلى المجلس النيابي مشروع قانون السلسلة كاملاً مع إقتراح الإيرادات الخاصة بتمويلها، ونحن أقرينا بحق من ستشملهم السلسلة وهم الأساتذة والمعلمون والأسلاك الأمنية والعسكرية والإدارية والمتعاقدون وغيرهم بها، إنما الأساس الذي يجب النظر إليه هو كيفية تأمين الإيرادات المطلوبة، وألا تكون على حساب الإقتصاد الوطني بشكل عام.
وقال: ما تم إقتراحه من إيرادات لتمويل السلسلة ليس محسوماً مثلاً أنه يمكن جبايته هذا العام، في حين أن هناك متوجبات للسلسلة يجب دفعها هذا العام. أضف إلى ذلك أن عجز الخزينة المقدر هذا العام يبلغ حوالى 7660 مليار ليرة، وأنا أخشى أن يؤثر أي عجز إضافي على تصنيف لبنان لدى المؤسسات الدولية. يجب أن نتعاون جميعاً لإعطاء أصحاب الحقوق حقوقهم بالسلسلة التي لم تعط منذ عام 1998، ولكن ينبغي أن يترافق ذلك مع البحث عن إيرادات لا تؤثر سلباً على الإقتصاد اللبناني، وتكون واقعية يمكن تحصيلها بشكل متواز مع دفع السلسلة منعاً لحصول عجز إضافي.
ورداً على سؤال عن أسباب عدم مشاركته في الجلسة الماضية لإقرار سلسلة الرتب والرواتب قال: أكرر ما قلته في البداية، للمجلس حق التشريع في أي وقت، ولكن عدم مشاركتي والنائب أحمد كرامي في الجلسة كان بسبب إعتراضنا على طريقة مقاربة موضوع السلسلة وإيراداتها.
وختم الرئيس ميقاتي بالقول: لا يزال موضوع السلسلة بين أخذ ورد ولا بوادر إتفاق نهائي بشأنه.