سلام: لن نسمح بالتلاعب بالامن وسنحصن بلدنا من نيران الجوار

محطات نيوز – أكد رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، انه “في حكومة المصلحة الوطنية، لن نسمح بالتلاعب بأمن لبنان واستقراره، وسوف نعمل بكل ما أوتينا من قوة وإرادة، على تحصين بلدنا من آثار النيران المشتعلة في جوارنا القريب والبعيد، معتمدين على جيشنا وقواتنا الأمنية”، داعيا “جميع القوى السياسية الى التخلي عن الحسابات الضيقة، وتغليب المصلحة العليا على ما عداها، وعدم التأخر في إنجاز هذا الواجب الوطني”.

كلام الرئيس سلام جاء في خلال كلمة القاها في “منتدى الاقتصاد العربي” الذي انعقد في فندق الفينسيا، وجاء فيها:

“يطيب لي أن أقف اليوم متحدثا، أمام هذه النخبة الكريمة من إخواني اللبنانيين والاشقاء العرب، من أصحاب العقول النيرة والانجازات المشهودة، الذين يؤكدون عاما بعد عام، إيمانهم بلبنان، وبقدرته على النهوض من قلب الصعاب، وبدوره كمنارة مشعة في محيطه.

إنها مناسبة طيبة، ليس فقط للترحيب بكم في بلدكم الثاني، وإنما أيضا للإشادة بدوركم الرائد، كل في ميدانه، في دفع عجلة النمو في بلدانكم الشقيقة، وفي رفد الاقتصاد العربي بمقومات القوة والنجاح.

إن بعض الاقتصادات العربية، وخصوصا في منطقة الخليج، تمكنت بجهودكم وكفاءاتكم، وبحكمة قيادات وطنية فذة وضعت نصب أعينها خير الانسان ورخاءه؛ من احتلال موقع رائد على الخريطة الاقتصادية العالمية، يفخر به كل عربي.

إن وجودكم بيننا اليوم، هو دليل على ثقة متينة ببلدنا تعبرون عنها دائما، أفرادا ومؤسسات ودولا. وهي ثقة تمدنا بالعزيمة، وتمنحنا أسباب القوة لجبه التحديات مهما كان نوعها.

إن لبنان، دولة وشعبا، مدين بالكثير لإخوانه العرب – وخصوصا قيادات وأبناء دول مجلس التعاون الخليجي – الذين ما خذلوه يوما، وما انكفأوا عنه في الزمن الصعب.. وكانوا أبدا حضنا دافئا لابنائه، وداعما لسلمه واستقراره ونهضته.

فأهلا بكم جميعا بيننا في بيروت، إخوة كراما أعزاء.

تسلمت حكومتنا مهامها منذ فترة لا تزيد عن أربعة أشهر، في ظروف سياسية وأمنية دقيقة. وقد تمكنا، بعون الله وبتضافر جهود كل القوى السياسية، من تحقيق إنجازات ملموسة، أزالت الكثير من المخاوف، وأشاعت جوا من الاطمئنان الذي بدأنا نلمس نتائجه من خلال مؤشرات اقتصادية واعدة.

لقد كان الأمن ملفا نازفا، تسبب بالكثير من الخسائر البشرية والخراب الاقتصادي في مناطق لبنانية عزيزة، وأثار شكوكا حول الاستقرار في لبنان ومناخا غير مشجع على الاستثمار والسياحة فيه.

لكن القوى الشرعية اللبنانية، من جيش وقوى أمنية، تمكنت بتوجيهات من الحكومة ومن فخامة رئيس الجمهورية حينذاك العماد ميشال سليمان، من إعادة الأمن والأمان الى مدينة طرابلس، التي كانت بؤرة توتر دائم، وإلى مناطق البقاع الشمالي المحاذية للحدود مع سوريا، التي كانت مسرحا لممارسات مخالفة للقانون. وها هي بيروت تستعد لمرحلة جديدة من الخطة الأمنية لضبط المخالفات وتثبيت الاستقرار.

وشرعت الحكومة، بموازاة ذلك، في معالجة حالات الشغور المزمن في الكثير من المواقع الرئيسية في المؤسسات العامة، وأجرت عشرات التعيينات التي من شأنها بث الحيوية في الإدارات الحكومية، لتتمكن من القيام بمهامها في خدمة مصالح المواطنين.

وفي الجانب الاجتماعي والاقتصادي، تولي الحكومة عناية كبيرة لملفين حيويين: الأول هو ملف النزوح السوري الذي بلغت اعباؤه حدا لم يعد لبنان قادرا على تحمله. وتعمل الحكومة اليوم، مع الاشقاء العرب ومجموعة الدعم الدولية للبنان والمؤسسات المانحة، على مقاربات متعددة لهذه المعضلة لإيجاد الحلول الناجعة لها.

أما الملف الثاني فهو ملف الغاز والنفط الذي يجري العمل عليه بطريقة علمية ودقيقة، تمهيدا لبدء مرحلة الاستكشاف الذي تدل كل المؤشرات إلى أنها تبشر بالخير، مع ما يعنيه ذلك من فرص استثمار وعمل للقطاع الخاص المحلي والعربي والأجنبي.

يعيش لبنان منذ اسابيع شغورا في موقع الرئاسة الأولى، بسبب عدم تمكن مجلس النواب من انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

إنني أؤكد مرة أخرى، رغبتنا وحرصنا وسعينا الحثيث لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، لإعادة المؤسسات الدستورية إلى وضعها الطبيعي. وإني أدعو جميع القوى السياسية الى التخلي عن الحسابات الضيقة، وتغليب المصلحة العليا على ما عداها، وعدم التأخر في إنجاز هذا الواجب الوطني.

إن حكومتنا – وفي انتظار انتخاب رئيس للبلاد – ستؤدي واجباتها كاملة بكل أمانة، إنطلاقا مما نص عليه الدستور، وبروحية التوافق الوطني الذي هو غايتنا الدائمة. وسنبقى حريصين على خدمة مصالح المواطنين وتسيير شؤون البلاد، وساهرين على حسن عمل المؤسسات التي ليس مسموحا تعطيلها والحكم عليها بالشلل، تحت أي ذريعة كانت، وفي أي ظرف كان.

إنني هنا، أود التوقف عند ما يراود اللبنانيين من مخاوف، بسبب ما يشهده العراق وسوريا هذه الأيام من أحداث مؤلمة، وما يطرحونه من أسئلة حول احتمالات امتداد الحريق الى الثوب اللبناني.

إننا، في حكومة “المصلحة الوطنية”، لن نسمح بالتلاعب بأمن لبنان واستقراره. وسوف نعمل، بكل ما أوتينا من قوة وإرادة، على تحصين بلدنا من آثار النيران المشتعلة في جوارنا القريب والبعيد، معتمدين على جيشنا وقواتنا الأمنية، وعلى وعي الغالبية الساحقة من اللبنانيين وأيمانها بلبنان الواحد الموحد الآمن المستقر.

إننا، في عملنا الحكومي، نولي أهمية كبرى للجانب الاقتصادي المتعلق بتشجيع الاستثمار. وندرك أن من المهمات الرئيسية أمامنا، القيام بالاصلاحات الإدارية التي تسهل حركة المستثمر وتجعل لبنان مكانا جاذبا للاستثمارات، سواء استثمارات اللبنانيين المقيمين والمغتربين، أو العربية والاجنبية منها.

إننا نسعى الى خلق الإطار القانوني المناسب لتشجيع الاستثمار. ولهذه الغاية سوف نعمل على إنجاز قانون للشراكة بين القطاعين العام والخاص.

أما في الجانب الاقتصادي العام، فإننا نضع نصب أعيننا إتخاذ التدابير والاجراءات اللازمة لتشجيع الصناعة اللبنانية ،عبر تخفيض كلفتها لجعلها قادرة على المنافسة، ولمساعدة القطاع الزراعي لإيجاد الأرضية المناسبة للاستثمار في مشاريع كبيرة تخلق قيمة مضافة في الانتاج الزراعي.

ولا بد لي من الإشارة هنا إلى قطاعنا المصرفي، الذي يمضي في مسيرته الناجحة، ويشكل أحد الأعمدة الرئيسية للاقتصاد اللبناني. إن هذا القطاع ما زال، على رغم الأوضاع الدقيقة، يسجل نسب نمو في الودائع تقارب ستة في المئة. كما أن نسب الملاءة فيه تتجاوز نسب الملاءة في الغرب، فضلا عن امتلاكه نسبا عالية من السيولة تعتبر عنصرا مشجعا على الاستثمار.

واقعنا العربي ليس، للأسف، في أحسن أحواله. والأحداث المؤلمة التي تعصف بسوريا وبلاد الرافدين هي خسارة صافية لنا جميعا، وربح صاف لأعداء هذه الأمة، وفي مقدمتهم ذلك العدو الرابض على حدودنا الجنوبية، الذي يستمتع بمشاهدة العرض المأسوي على مسرحنا الدامي.

ندرك جميعا أن العالم سبقنا بأشواط، وأن علينا بذل جهود جبارة على كل المستويات، اذا أردنا أن نحجز مكانا لائقا لنا في هذا العصر.

هذا الهدف، لا يتحقق بتفتيت الأوطان وإحياء العصبيات البغيضة، ولا بنشر الجهل وتعميم الظلام، ولا بالقهر والغلبة، ولا بهدر الفرص والثروات والأعمار. هذا الهدف لا يحققه الا شباب متمكن، مسلح بأدوات العصر، ولا ينجزه الا اصحاب الأفكار الخلاقة والإرادات الطيبة والمشاريع البناءة من أمثالكم.

أشكركم مجددا على مجيئكم إلى بيروت، عاصمة العرب وبيتهم، وعلى أيمانكم بلبنان وثقتكم بمستقبله. وأتمنى لكم النجاح في أعمالكم، التي هي استثمار في الحياة، وفي الأمل بغد أفضل.

أتمنى النجاح لأعمال هذا المنتدى، وأثمن جهود الجهة المنظمة، أي مجموعة “الاقتصاد والأعمال” وعلى رأسها الصديق رؤوف أبو زكي، الذي أشكره على سعيه الدائم الى تأمين التواصل اللبناني – العربي، وضمان استمرار الحضور العربي في لبنان”.

 

اضف رد

إضغط هنا

أحدث المقالات