المفهوم القانوني للكابيتال كونترول بقلم: الدكتور خضر ياسين
نشرت بواسطة: مكتب التحرير
في أمنية وقضائية, الأخبار
الأحد, 17 أبريل 2022, 21:53
43 زيارة
ينص الدستور اللبناني في الفقرة (و) من مقدمته على مبدأ الإقتصاد الحر وحماية الملكية الفردية والخاصة، ومنذ انطلاق أحداث التحركات الشعبية والمطلبية في لبنان بتاريخ 17/11/2019 ظهرت بعض المصطلحات المتنوعة كحكومة تكنوقراط والكابيتال كونترول (capital control) وال (haircut). من حيث تعريف مفهوم الكابيتال كونترول فهو مجموعة من الاجراءات الهادفة الى تنظيم التدفقات المالية، مثال على ذلك فرض قيود على السحوبات النقدية اليومية عبر البنوك والتحويلات النقدية ومدفوعات البطاقات الأئتمانية في لبنان والخارج.وتبعآ لذلك امتنع الكثير من المصارف عن صرف الشيكات نقدا مهما تكن قيمها متدنية وخفضت سقوف السحب الشهري للمواطنين، علما ان حاكم مصرف لبنان أكد في اكثر من مؤتمر صحافي أن اموال المودعين محفوظة وما يحصل هو مسألة لا علاقة لها بالملاءة، بالمقابل يقول العديد من أصحاب الرأي والاختصاص بأنه اذا لا بد من تطبيق الكابيتال كونترول فليتم تطبيقه على أصحاب الودائع المرتفعة، لأن بقية أصحاب الودائع يمثلون ٩٢% من أصحاب الودائع (أي اصحاب وديعة تقل عن ١٠٠ الف دولار). ويختلف الكابيتال كونترول عن مفهوم ال haircut، أي الخصم القسري للدين، ويعرفه البنك المركزي الأوروبي بأنه حسم قيمة الأصول المالية مثل سندات الدين، مثال على ذلك: اذا كانت قيمة السند مليون دولار وتمت عملية خصم قسري للدين بنسبة ٢٠% تصبح قيمة هذا السند ٨٠٠ الف دولار، أي أن صاحب هذا السند سيحصل على ٨٠٠ الف دولار بدلا من مليون دولار، ويمكن في حالات معينة ان يحصل على ال ٨٠٠ الف دولار والباقي اي (ال ٢٠٠ الف دولار) خلال عدة سنوات، وبالتالي ان ٨٠٠ الف دولار من اصل مليون افضل من لا شيء في حال الإفلاس.ويتم عادة اللجوء الى هذا الأسلوب عندما تعيد الدولة هيكلة دينها.ان الكابيتال كونترول الذي تطبقه المصارف حاليا هو بقوة الواقع وليس استنادا الى اي نص قانوني، وحاكم مصرف لبنان ليس لديه اية صلاحية عائدة له على هذا الخصوص بموجب نصوص تشريعية، وبالتالي ان تطبيقه بالشكل الحالي يخالف احكام المادة ١٢٣ من قانون النقد والتسليف التي تنص على انه تخضع الودائع لأحكام المادة ٣٠٧ من قانون التجارة، أي ان وديعة المواطنين او جهة معينة يتم تشغيلها من قبل المصرف حسبما يشاء ولكن عندما يطلب المودع وديعته اي (امواله) فعلى المصرف ان يلبي طلبه ويعيد له الوديعة ولو بدفعة واحدة او بعدة دفعات حسبما يطلب.والمادة ٦٩٠ من قانون الموجبات والعقود تنص على ان الايداع هو عقد بمقتضاه يستلم الوديع من المودع شيئا منقولا( اموالا مثلا) ويلزم حفظه ورده، كما ان المادة ٧٦١ من القانون ذاته تنص على انه (على المقترض ان يرجع ما يضارع اي (ما يعادل) الشيء المقرض نوعا وصفة)، فلا يحق للمصرف ان يرجع ما يعادل الشيء بالقيمة بل عليه ان يرجعه بالنوع والصفة، فعلى سبيل المثال ان وديعة الف دولار يتوجب عليه ان يردها الف دولار وليس على اساس ما يعادلها بالليرة اللبنانية.فالوضع المصرفي اليوم في حالة من الفوضى تخضع لإستنسابية المصارف، لذلك التوجه نحو قوننة الكابيتال كونترول، حيث يتخلص المودعون من رحمة المصارف وتتوقف هذه الاستنسابية وتخضع المصارف كافة لذات النص التشريعي.لكن يوجد عدة مسائل يجب اخذها بعين الاعتبار والانتباه لها خلال التشريع، فبالإضافة الى ميزة النظام الاقتصادي في لبنان الذي يتبناها الدستور اللبناني لناحية الاقتصاد الحر والملكية الفردية والخاصة، يجب ان يتسم تشريع الكابيتال كونترول بأنه تدبير استثنائي ومؤقت لفترة زمنية محدودة رهنا بتحسن الظروف الموجودة في الدولة.من جهة ثانية فإن لبنان عضو في صندوق النقد الدولي وهو ملتزم بقواعده الاساسية واحدى هذه القواعد تنص على ان اي مخطط لإيجاد الكابيتال كونترول لدى احدى الدول الاعضاء يقتضي ان يقترن بموافقة من قبل البنك الدولي، كما ان لبنان موقع على عدد من الاتفاقيات مع دول اجنبية وهذه الاتفاقيات تنص على عدم جواز وضع التحويلات من والى المستثمرين، منها على سبيل المثال اتفاقية تنشيط وحماية الاستثمارات المتبادلة بين لبنان وجمهورية المانيا الاتحادية بتاريخ ١٩٩٧/٣/٢٨ والمبرمة بموجب القانون رقم ٢٩٢ تاريخ ١٩٩٨/١١/٥.
2022-04-17