اللغة العربية هوية وثقافة
نشرت بواسطة: Imad Jambeih
في الأخبار, محطات كلامية, مقالات
الأحد, 19 ديسمبر 2021, 1:09
35 زيارة
الأعجمي إن عرفك تحدث، والعربي تباهى بلغته العربية، نعيش اليوم في عصر سريع، والذي يتطور ويتغيّر بسرعة الدقائق، حيث بهرنا الإنترنت وأدهشنا من خلال صفحاته الملّونة، ومعلوماته الثرّة، وما يحوي من معارف غزيرة لا حدود لها ولا سوار يحفظها. كنا على يقين أن شبكة الإنترنت ستكتسح لا محالة المشهد الإجتماعي والثقافي العالمي وستغيّر من أنماط اجتماعية واقتصادية وتربوية كثيرة، وهو التنبؤ الذي استحال حقيقة ماثلة للعيان الآن.
وأيضاً، بسطت الإنترنت سيطرتها على مفاصل الحياة المعاصرة، وانزاحت وسائل الإتصال التقليدية لتحلّ بدلاً عنها وسائل جديدة بحيث يستطرد الفرد بقدرات متواضعة حالما يلج العوالم الإلكترونية ان يحقق ذاته، وينشر فكره ويتفاعل مع من حوله دون أن يكون هناك حدود جغرافية أو موانع تقنية أو عوائق مادية.
والسؤال الذي يسأل، هل هناك ثقافة يمكن أن نطلق عليها ثقافة الإنترنت؟ لا شك أنه إعصار هائج مائج يصول ويجول ليكتسح العالم في وقت قصير. إلّا تلك المقاربة لا تخفي حقيقة مرة وهي أن هناك فجوة واسعة بين تطبيقات الإنترنت المختلفة على صعيد المحتوى وهيمنة على صعيد اللغة.
لا شك، أن الإنترنت عطّل النمو الحركي عند الشباب، ليصبح ميلهم إلى الكسل والخمول، وعدم الرغبة بأي عمل يكلّفوا به، فتحوّلوا إلى اشخاص أنانيين، بإبتكارهم أفكار جديدة ومواقف خاصة للفت النظر، غريبي الأطوار ومقلدي للأخرين بمساوئهم وتناقضاتهم، حتى وصلت وقاحتهم بإستبدال الحرف برقم في رسائلهم الإنترنية، وأصبحت كلماتهم غير متناسقة وغير دقيقة من حيث لا يدرون. موهوبون بطريق طويل بغير وجهة، مثل خفّاش يرتطم بمبنى، مثل ديك وحيد في قارب. أيعقل هذا التحوّل من حرف إلى رقم، ألا يعلمون أن لكل حرف له ملمس مختلف، وقطرة في جملة عابرة، يستدعي مصادره مثلما تستدعي الشجرة هواء حياتها.
ألسنا أهلاً ومربّين مسؤولون عن كل ذلك، ألا يجب تأمين الأفضل لهم، ومد يد العون ومحاسبتهم وجعلهم يتخطون هذه المرحلة بثقة وأمان وعزيمة والعودة إلى إعتماد اللغة العربية لسان الجميع بالتعبير الثابت الذي لا بديل له. وعلينا أن لا ننسى أن اللغة العربية ليست مجرد بضع كلمات ومفردات وحروف فقط بل هي تاريخ وهوية، وتعد ركنا من أركان التنوع الثقافي للبشرية.
ان اللغة العربية تقودنا إلى الكتابة بإشعاعها وقوة حضورها، في إشارتها الأبدية للحظات الأولى بعد تمام الخلق، فالكتابة حلم متصل بتحويل الفكرة إلى حكاية.
بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية نقول: لا شك أيضاً، إنها وسيلة للارتقاء بالحوار ونؤكد أهميتها خاصة في ظل العولمة والرقمنة والتعددية اللغوية، والركيزة المشتركة وحلقة الوصل التي تجسد ثراء الوجود الإنساني وتتيح الانتفاع بالعديد من الموارد.
كل عام وجميع الأمة العربية بخير، نسأل الله (ج.ج) أن يحفظهم من كل سوء وأن ينصر رسالتهم العريقة.
حاطوم مفيد حاطوم
كاتب لبناني
2021-12-19