محطات نيوز – أي نعمة هبطت عليَّ أن يكون تلامذة صفي نوابًا ووزراء وسياسيين، بل قل مجلسًا نيابيًّا ومجلس وزراء، مجتمعين وإن لم يجتمعوا، مُصغين وإن كلٌّ يغني على ليلاه، منضبطين وإن من دون وهرة معلم في يده قضيب توت، في مدرسة تحت السنديانة؟
موضوع الحصة درس في الإعراب والسياسة، بعد تأليف الحكومة الجديدة التي حُبل بها أحد عشر شهرًا… فهنيئًا لها بيانها الوزاري الذي خرج إلى النور، أخيرًا، بصيغة قيل إنها أرضت الجميع تقريبًا، فوقف جاك مارتان يعلن: “الكلُّ رابح”، وإن اقتضى الأمر توضيحًا يرضي جمهورًا هنا، وتبريرًا يسكت جمهورًا هناك… إلى ما هنالك من مستلزمات المشهد التوافقي.
وهنيئًا لها مسبقًا ثقة ستنالها في المجلس النيابي، مع ما لجلساتها المنقولة مباشرة على الهواء، ما يشفي العليل ويروي الغليل ويجعل حتى الفيل، يقع على ظهره من الضحك، كلما سمع أحدًا من النواب يخطب فينا، محركًا عظام أبي النحو واللغة سيبويه الفارسي، واللغوي الآخر نفطويه البغدادي، وبرزويه الفارسي أيضًا مترجم كليلة ودمنة من الهندية إلى الفارسية، كل في قبره. وعذرًا لأي تشابه في الأسماء أو الكُنى مع أي من “أمراء” الإرهاب الدارجة أسماؤهم وصورهم، هذه الأيام، في كل وسائل الإعلام، في عالم القتل والإجرام. وعذرًا أيضًا لأي تشابه في الوقائع والأحداثبين ما سيثيره نواب الأمة في كلماتهم المكتوبة أو المرتجلة، وما جرى على ألسن “أبطال” ذاك الكتاب الذي ترجمه روزبة بن دازويه الفارسي، المعروفبابن المقفع، إلى العربية. لتنطلق الحكومة، من ثم،في سَوْس المواطنين اللبنانيين، (عبارة حلت محل الشعب)، ومؤسساتهم الشرعية المشرعة أبوابها على عجائب وغرائب، والوطن لبنان، إلى برِّ الأمان.
فكل الحكاية، ليست “عيون بهية” كما في أغنية محمد العزبي، بل هذه الـ”هنيئًا”، التي تعرب، يا تلامذتي الكرام، وسادة البلاد والعباد، إما نائبمفعولمطلق، وغالبيتكم نواب فاعلون، لا أحد يفعل فيكم، حاشا وكلا، ومطلقو الصلاحية والحرية، ممدَّدو الولاية، وممدَّدون على سبع خرزات ظهوركم، طوال سنوات تلك الولاية الأربع و”بونوس” الأشهر الثمانية عشر، لا شغلة ولا عملة، عافاكم الله، وعظم الله أجركم.وإما تعربحالًامنصوبة، كمثل حال مواطنيكم اللبنانيين المنصوب عليهم منذ ما قبل الاستقلال، وخلاله وبعده، إلى أن تصطلح الأحوال.
فبالله عليكم، كي تستأهلوا التهنئة، نوَّبناكم ونصَّبناكموأطلقنا أيديكم، لتفعلوا لنا، لا لتفعلوا فينا، وإلا عاجلناكمبمفعول مطلق لفعل محذوف منصوب بالفتحة الظاهرة على أيديكم وأفعالكم، يا ما سهرتم عليه الليالي وأنتم تتابعون المسلسلات المكسيكية: تبًّا… لكم.
أو بجملة مفاعيل مطلقة، من مثل: شكرًا لكم يكفينا ما أتيتمونا به من مكارم، حتمًا لقد غمرتمونا بلطفكم، عفوًا منكم… أو بمفعولين بهما: حسنًا، حظًّا سعيدًا لكم حيث حللتم، شرط أن تتركوا كراسيكم من تلقائكم… إلَّا إذا قررتم وعقدتم العزم والخناصر، وشبكتم الأيدي والمصلحة… العامة، فانتخبتم لنا رئيس جمهورية في الموعد المحدد، نهنئه في 26 أيار المقبل، ونهنئكم؛ وأرحتمونا من كابوس السيارات المفخخة، وقد سقطت اليوم حجة يبرود؛ وأنزلتم عن كاهل طرابلس ثقل زعران الأزقة والزواريب، المسمين قادة محاور؛ وجعلتم لقمة عيشنا تسلك طريقها آمنة إلى بطوننا؛ و”بحشتم” (عفوك زياد رحباني) الأرض والبحر بحثًا عن نفط وغاز وماء، هي ثروتنا المخبأة المنتظرة، وقرشنا الأبيض الذي يلغي أيامنا السود… بيَّض الله وجوهكم، وجهًا وجهًا، وسوَّد وجوه أعدائكم، عدوًّا عدوًّا.
وفي نهاية الحصة، يا أعزائي تلامذة وسادة، مهلًا، وهذه أيضًا مفعول مطلق ببلاش، أي بظهر البيعة. ثمة ما هو مطلوب منكم يفوق كل ما سبق أهمية، يمكنكم أن تبدأوا به الآن، أو فور انتخابكم الرئيس الجديد وتأليف الحكومة الجديدة: قانون الانتخاب… إذا أردتم أن تعودوا إلينا نوابًا فاعلين مطلقين، تصبحنا وتمسينا وجوهكم النيرة.
معاذ الله أن تصوغوه على شاكلة القوانين السابقة. وكلي اتكال عليكم، يا سادتي تلامذة صفي الأعزاء، أن يخرج من بين أيديكم جامعًا منصفًا عادلًا، وهذه كلها تعرب حالًا. فعساها تكون حالًا من أحسن الأحوال، آمين، وتعرب فعل أمر مبنيًّا على الفتح… المبين. آمين.
حبيب يونس