حكومة دياب بين الإنجازات والإخفاقات
نشرت بواسطة: Imad Jambeih
في الأخبار
الأربعاء, 12 أغسطس 2020, 19:46
19 زيارة
محطات نيوز- إختلفت الآراء بعد سقوط حكومة الرئيس دياب حول مدى إنتاجيتها أو عدمها. جزم البعض بأنها من الأساس كانت عاجزة وغير منتجة، فيما إعتبر البعض الآخر بأنها نجحت رغم العراقيل، فيما تم تفشيلها في مجالات أخرى. أمام هذا الإنقسام في الرأي ، كان لا بد من التمحيص في بعض الحقائق والوقائع بشفافية للتوضيح بموضوعية دون زيادة أو نقصان. ولمعرفة الحقيقة، لا بد من العودة إلى ما قبل السابع عشر من تشرين الى حين إستقالة الحكومة .
كيدية سياسية وتعطيل
بعد الفساد المستشري على مدى عقود، و إستفحال أزمات كبيرة في البلاد، منها التجاذبات الحزبية السياسية داخل حكومة الرئيس سعد الحريري، منها النكد السياسي والكيدية في تعطيل جلسات حكومية عدة مرّأت، نذكر منها توقّف الحكومة الحريرية عن الإنعقاد لحوالي الشهر، إثر جريمة قبرشمون التي تحولّت من ملف امني الى ازمة سياسية بامتياز . هذا فضلاً عن الإشتباكات الكلامية المستمرة بين الأحزاب السياسية مثل التيار الوطني الحر من جهة والقوات اللبنانية وحركة أمل والإشتراكي وتيارالمستقبل من جهة أخرى حول ملّفات كثيرة، الكهرباء، سدود المياه، التعيينات، النفايات واللائحة تطول إلى أن بلغت ذروتها في فرض رسم على الواتساب ما أدّى إلى إشتعال ثورة 17 تشرين.
محاولات إنقاذية
على أثر تلك الثورة، هرّب العديد من سياسيين ورؤساء أحزاب وطوائف ونواب ووزراء، أموالهم إلى الخارج هذا عدا الحديث عن الأموال المنهوبة من الدولة . و وسط التعقيدات الإقتصادية و المالية المهترءة في خلايا الدولة، جاءت حكومة الرئيس دياب . فكانت أولى مواجهاتها في كيفية معالجة إستحقاق دفع اليوروبوند. فإتُخذ القرار بجرأة بعدم الدفع بعد استماع مجلس الوزراء إلى عرض قدمه في هذا الإطار، عدد من المستشارين المحليين والدوليين، حول مختلف الاحتمالات المترتبة على أي قرار وتداعياته السلبية . بعدها أتت تداعيات الكورونا لتزيد من الوضع الإقتصادي سوءاً، تخلل تلك الفترة ارتفاع في سعر صرف الدولار وسط حصار مالي- إقتصادي على لبنان . ما زاد الوضع تعقيداً، تداعيات قانون قيصر السلبية على التبادل التجاري وغير ذلك مع سوريا، فضلاً مطالبة الولايات المتحدة الأميريكية الإلتزام به، وسط تحديات الحكومة أيضا في محاولة أميريكية لتعديل مهام اليونيفيل في الجنوب. حاول دياب قدر الإمكان إحداث صدمات إيجابية بوجه تلك التداعيات، فأقرّ خطّة إقتصادية لأول مرة بعدما عجزت عنه حكومات الحريري السابقة . ولكن لسوء الحظ، تلقّفها المجلس النيابي في لجنة التحقيق المالية ليضع بوجهها العراقيل في تحريف الأرقام . تحولت تلك الخطة الى تجاذبات سياسية حزبية و انتهت باستقالة مدير عام وزارة المال “آلان بيفاني” من المهام الموكلة إليه في وزارة المال و من عضوية المجلس المركزي لمصرف لبنان، ومن الوفد المفاوض مع صندوق النقد الدولي.
إنجازات قيد التنفيذ
بعد انسداد أفق التفاوض مع صندوق النقد الدولي، انتقل الرئيس دياب إلى الخطوة الثانية، بالإنفتاح صوب الشرق. فاجتمع بوفود صينية وعراقية لتفادي انهيار الدولة . جوبه برفض أحزاب داخلية وبتحذيرات من مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى ديفيد شينكر لعدم التوجه صوب الصين وروسيا وإيران . لكن دياب لم يكترث لتلك المواقف، فبحسب مصادر موثوقة، فهو كان على قاب قوسين للذهاب الى العراق للبت بإعادة تفعيل خط النفط بين العراق ولبنان الذي يمر بسوريا والمعروف باسم IPC (الذي أنشأ إبان ولاية شركة “نفط العراق المحدودة” قبل تأميمها وحمل اسمها ومدّ لبنان بالنفط عن طريق استجراره بالأنابيب إلى مصفاة طرابلس حيث كان يجري التكرير فيها) . إنّ تلك الخطوة لو حصلت، كادت ستكون بمثابة نقلة نوعية نحو إنجاز التنمية.
خلال تلك المساعي التي ييقوم بها الرئييس دياب، كثرت الإنتقادات الإعلامية والسياسية على الحكومة، خاصة حين أقرّت ورقة خطة لإعادة النازحين السوريين التي تقوم على التنسيق مع دمشق . ولا بد م التذكير بأن تلك الخطة كانت أساس التجاذبات والنزاعات في حكومة الحريري السابقة . وفي خطوة ثانية أرادها الرئيس دياب هو إقرار التدقيق المالي الجنائي وبعد محاولة بعض الوزراء في الحكومة التهديد بالإستقالة على اثر هذا الإقرار وسط اختلاف في الآراء، أنجز مجلس الوزراء اللبناني في 21/7/2020 الForensic Audit الذي سيطال حسابات مصرف لبنان، على أن إبرام العقد مع شركتي Alvarez & Marsal سيكون بعد أسبوعين وهذا ما اعتبره تيار المستقبل بأنه استهداف محض سياسي لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعدما فشلت كل المحاولات السابقة الذي استطاع الحاكم إجهاضها وتخطيها بحسب المصادر. وفيما الأمور تسير بإتجاه تحقيق الإصلاحات، حدثت الفاجعة في مرفأ بيروت في الرابع من آب 2020 ما أدّى إلى إنقلاب في المشهد اللبناني والخارجي.
على أثر هذا الزلزال، تعالت الأصوات المنادية بتحقيق دولي. فمنهم من طالب بإسقاط الحكومة، والبعض الآخر وصل إلى حدّ إتهام الحكومة بالمساءلة في المجلس النيابي حول الجريمة التي أودت بضحايا ومفقودين ومشرّدين الخ…. فس سياق ما حصل، سقطت حكومة الرئيس حسان دياب.
ولكن ماذا عن الإنجازات المرتقبة ؟
انطلاقاً مما ذكرناه من أحداث وعراقيل وتجاذبات وآخرها الإنفجار. لا بد من توضيح مسائل في غاية الأهمية حصلت قبل الإستقالة. بالنسبة لإقرار ورقة النازحين فإنها أصبحت قيد الإنجاز ولا تحتاج من الوزير المختص سوى التنفيذ. أما في مسألة التدقيق المالي الجنائي، فبات أيضاً بحكم المنجز ولن يتأثر بإستقالة الحكومة، لكنه ينتظر توقيع وزير المال سيما وعد بتنفيذه . أما بالنسبة لإنفجار مرفأ بيروت، فقد أحيل الى المجلس العدلي، ما أدّى إلى قطع الطريق نهائياً على أي مطالبة بمحكمة دولية أرادتها بعض الأحزاب السياسية.
هكذا تكون انتهت مرحلة دياب الحكومية بعدما اعترف رئيسها صراحةً بأن منظومة الفساد أكبر من الدولة وهي تكبلها. فهل سيسلك كل ما أنجز من إعادة النازحين السوريين و التدقيق المالي الجنائي وإحالة الجريمة إلى التنفيذ؟ وفي حال تحقق ذلك، سيسجّل إنجازات تاريخية للحكومة المستقيلة وسيدخل الرئيس دياب التاريخ من بابه العريض. وفي انتظار ترجمة ذلك، تبقى العبرة في خواتيمها.
|
2020-08-12