أعلى المراتب وأحلى المراكز – كريستيان بلاّن

محطات نيوز – عبارتان جميلتان لتمنيات طيّبة تطلق مجاملة أو من القلب؛ على الأرجح هي من القلب لأن كل فرد يرغب برؤية ولده أو ابنته في أعلى المراتب وأحلى المراكز! هي إحدى الدّعوات الّتي تنطبق فيها مقولة ” تمنّى لغيرك ما تتمنّاه لنفسك! ” على الأقل، ليدعو لك بالمثل.
وما يحاول الأهل فعله من صغر سن الابن أو الابنة هو توجيه/ها إلى اختيار اختصاص مناسب للعائلة لتفخر به. ويفتخرون ويتفاخرون بذلك وبما وصل إليه ابنهم أو وصلت إليه ابنتهم. وحبذا لو كان هذا الإنجاز مشتركا أو مرغوبا من الطرفين؛ كان ليوفر جهدا معنويا مهولا من جهة الأهل كما من جهة المعني مباشرة بالدراسة. وإنّما قد اعتادت مجتمعاتنا التقليدية تحديد مسار حياة الابن والابنة إن بالنسبة للمادة العلمية موضوع المستقبل الباهر وإن بالنسبة للزواج والعلاقة الزوجية والعائلية. حتى لو اعترض البعض بقوله أن الأحوال تغيرت في يومنا هذا عن ذي قبل وبات بالإمكان لكل فرد رسم مسار حياته؛ إلا أن ذلك لا يلغي أننا مجتمعات تقليدية بنظرتنا للحياة وبما نعتبره أو تعتبره فئة معينة من المجتمع نجاحا أم ليس بنجاح!
حتى حين تبدأ ملامح شخصية الابن والابنة بالظهور علنا؛ أو التكلّم بكل ثقة عن اهتمامات كل منهما أمام الأهل ومعهم؛ وكل منهما يرسل على طريقته رسالة واضحة للآخر برغباته أو بالأحرى بقراراته. يغيب عن بعض الآباء وحتّى بعض الأمّهات أنّ ميول فلذات أكبادهم/هن للعلم ومفهومهم له مختلف أشد الاختلاف عن مفاهيمهم كأهل وعن طريقة رؤيتهم للأمور. خاصة إن كان واضحا لطالب العلم ما يريده لمستقبله وقد خطط له بوعي وتصميم لا يقل مستوى عن الأسلوب الذي رباه عليه أهله. فكيف لا يكون ما يريده الابن وما تريده الابنة للمستقبل مصدر فخر واعتزاز للأهل؟ ألا يكفيهما علما أن باستطاعة ابنهما أو ابنتها التخطيط لبناء مستقبلهما وامتلاك الجرأة والإصرار لتخطي العقبات والسير نحو الهدف للنهاية؟ أم أن هنا، لا دخل أبدا لثبات الأبناء والبنات في خياراتهم/هن؟ ولا دخل كذلك للتربية بالموضوع؛ جلّ ما في الأمر هو عصيان الابن وعصيان الابنة لسلطة الأهل بانتقائه/ها لنوعية مستقبله/ها بعيدا عن الإرادة الأبوية.
وهنا لا الابن ولا الابنة من على مفترق قرار؛ وإنما هم الأهل! بين كفّين لا مساواة بينهما! فما قد يفرضون من باب سلطتهم المعنوية كأهل والمادية على وجه الخصوص قد يوصل ابنهم أو ابنتهم إلى أعلى المراتب وأحلى المراكز كما وقد يصل بكل منهما أو أي منهما إلى فشل ذريع!
أو ما يؤمنون به من حسن تربيتهم لابنهم وابنتهم وثقتهم بأنهم زرعوا فيه وفيها أسمى المبادئ وأصدقها، سيقود كلا منهما إلى أعلى المراتب وأحلى المراكز وأخير المواقع والأهم سيكون لكل منهما سعادة الإنجاز وفرح العيش! وإلّا فما قيمة التربية الحقّة إن كانت لأعلى المراتب وأحلى المراكز دون فرح عيشها!

اضف رد

إضغط هنا

أحدث المقالات