هل بات الدولار اليوم سلاحًا؟

محطات نيوز – جو سعد:  لا ريبَ في أنّ الأزمة التي يشهدها لبنان قد أصبحت واقعاً نعيشه ونشعر به، أما السؤال فيبقى: هل من أفق يبشر بامكانية تحسن، أم أنّ القطار يسير بنا إلى الهاوية؟

إنّ الدولار قد تحوّل إلى سلعة انتقلت من سوق الصرّافين، إلى ما يعرف بالسوق السوداء بعد أن بدأت مظاهر الشحّ تتجلّى في الأسواق.

إذا عدنا بالذاكرة إلى شهر آب حينما تقرّر تخفيض تصنيف سندات لبنان الإئتمانيّة، أو إلى شهر أيلول حينما بدأ فقدان العملة الخضراء من الأسواق، لَتذكرنا تبرير حاكم مصرف لبنان الذي ربط هذه الظاهرة بعمليّة تهريب العملة إلى سوريا. ولربما كان لتلك التطمينات أسبابٌ تهدف إلى لجم الإنهيار ومحاولة لتدارك الأزمة، غير أنّ الأمور سارت في الإتّجاه المعاكس وكانت النتيجة أزمة ثقة بين الشعب والمصارف.

ليست مشكلتنا اليوم الإفلاس بقدر ما هي انعدام للثقة في ظلّ مسيرتنا نحو المجهول. إنّ الحلّ، وفي طبيعة حال أزمتنا لا يكمن في ضخّ السيولة إذ إنّ تلك الأخيرة حتّى وإن بقيت في لبنان، لن تذهب إلى مشاريع إنمائيّة أو لتمويل استيراد بعض الإحتياجات الأساسيّة، إنّما لتخزينها في محاولة لتأمين الإكتفاء الفردي.

يرى اللبنانيّون الدولار اليوم سلاحًا قد ينقذهم من المجاعة عند انهيار الليرة، ممّا يدفعهم إلى شراء هذه العملة بأسعار قد تبدو خيالية للبعض.

إنّ ضخّ الدولار لن يزيل خوفهم وإنه حتمًا لن يعيد الثقة إلى القطاع المصرفيّ، بل على العكس، فهو خطوة إنتحاريّة تستنزف احتياطي مصرف لبنان لتهدئة الشارع بصورة مؤقّتة.

من هنا، فإنّ هذا القرار لا يجدي نفعًا في معالجة الأزمة، وذلك بسبب تحوّل الدولار من عملة إلى سلاحٍ، ومن ذا الذي سيرمي سلاحه وسط ساحة الحرب؟
مّما لا شكّ فيه أنّ معالجة الوضع الماليّ تتطلّب، وبالدرجة الأولى، قرارًا سياسيًّا بحت لن نتطرّق إليه في هذا ألإطار.

أمّا عمليًّا فإننا نحتاج، وبعد الإصلاحات الإداريّة، إلى وعي جماعيّ وإدراك واضح لمكانة الدولار ودوره في الإقتصاد. في الخطوة الأولى، وبسبب ندرة العملة الخضراء لن يموّل مصرف لبنان سوى عمليّات الإستيراد الضروريّة كالقمح والنفط ولوازم المستشفيات وغيرها… وبالتالي، لن تتمكن بعض القطاعات الثانويّة من تأمين حاجاتها من السيولة.

أمّا السوق السوداء فيُرجّح أن تبقى قائمة مع ارتفاع الطلب ومع ثبات، أو حتى انخفاض العرض على الدولار، وسيقتصر الإستهلاك على المنتوجات المصنوعة محليًّا ما قد يشكّل نقطة انطلاقٍ إيجابية في عملية تحويل الإقتصاد نحو الإنتاج.

إنّ الأمل يبقى في اجتياز تلك الأزمة من خلال تحديد الخسائر لاستعادة كلّ ذي حقّ حقّه!
إن الآراء الواردة في النص تعبّر عن وجهة نظر كاتبها وبالتالي فإن موقع الـ LBCI  لا يتحمّل تبعات ما قد يترتب عنها قانوناً.

اضف رد

إضغط هنا

أحدث المقالات