لبنان أمام فرصة ثمينة.. بالمقابل تقييم غير مشجّع للمفاوضات وتفاؤل مفرط من الحكومة

محطات نيوز – تم تقييم الخطة التي اعلنتها الحكومة من قبل صندوق النقد.

ينبّه خبير مالي من انّ لبنان يرتكب خطأ فادحاً إذا انتظر انتهاء مفاوضاته مع صندوق النقد للشروع في الاصلاحات المطلوبة منه، فهو الآن أمام فرصة ثمينة جداً وأكثر من ملائمة في الوقت الراهن لكي يبدأ بإجراء اصلاحات بنيوية وهيكلية في إدارته واقتصاده وماليته، باعتبارها تشكّل الخطوة الاولى على طريق وضع لبنان على سكة الخروج من الازمة، ولو تطلّب ذلك سنوات.يستند الخبير المذكور في تنبيهه الى ما ورد في تقرير نشره مركز «كارنيغي» للدراسات، وأعدّه اقتصاديون.وإذ يؤكد التقرير أنّ المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد ستكون معقدة وطويلة، وستشمل جولات متعددة ليس لأسابيع بل لأشهر، خاصة في ما يتعلق بالقضايا المرتبطة بالإصلاح المالي، وخفض الديون، وإعادة هيكلة المصارف وتقليص جذري للقطاع المصرفي. وكذلك تخفيض قيمة الليرة اللبنانية، والعنصر الأكثر إلحاحاً في سياق الإصلاحات المالية البارزة، هو قطاع الكهرباء. وبالنظر الى حجم الخسائر الكبير، والتي يجب تغطيتها، قد يقترح صندوق النقد على الدولة اللبنانية استخدام أصولها لإيفاء التزاماتها».وأهمّ ما في التقرير، ما لحظه معدّوه من انّ الأرقام التي تم تداولها في لبنان حول حجم حزمة الصندوق والمساعدات الدولية، «مفرطة في التفاؤل». فالسلطات اللبنانية تحدثت عن حزمة بقيمة 10 مليارات دولار، «لكن بالنظر إلى حصة لبنان الصغيرة في الصندوق – نحو 861 مليون دولار – والشكوك في أنّ الحكومة اللبنانية ستكون قادرة على تنفيذ «برنامج صعب للغاية»، فمن غير المحتمل أن يلتزم الصندوق بأكثر من 3 إلى 5 مليارات دولار». وربطاً بذلك، فإنّ للدول، مثل لبنان، ذات المناخات السياسية المعقدة والالتزامات الحكومية المشكوك فيها، احتمالاً كبيراً أن تخرج برامج صندوق النقد عن مسارها ليتم حَجب المدفوعات». بمعنى انه حتى بعد التوصّل إلى اتفاق مبدئي، لن يقوم الصندوق بصرف الأموال حتى يتم تشريع عدد من «الإجراءات المسبقة»، وهو تدبير يجب الالتزام به قبل إقرار أول دفعة. وحتى بعد تنفيذ تلك الإجراءات، سيكون لدى الصندوق قائمة بإجراءات أخرى يتوقع تنفيذها لاحقاً، ممّا سيبقي مراجعة التنفيذ فصلياً او شهرياً مرتبطة بتنفيذ تلك الإجراءات. وسيتم ربط الدفعات (مبالغ صغيرة) باكتمال كل مراجعة بنجاح.في السياق نفسه، قدمت مصادر معنية بالمفاوضات الجارية بين لبنان وصندوق النقد الدولي تقييماً لنتائج ما تحقق حتى الآن، جاء فيها:
– اولاً، بداية مفاوضات متعثرة وليست مشجعة.- ثانياً، قامت المفاوضات وسط تناقضات داخلية حادة في لبنان، وفي ظل لا إجماع حول المفاوض اللبناني، وتشكيك به من قبل شريحة واسعة من اللبنانيين، وهذا من شأنه أن يُضعف موقفه اكثر مما هو ضعيف أصلاً جرّاء الانهيار الاقتصادي والمالي الحاصل.- ثالثاً، الحكومة اللبنانية المعنية بالمفاوضات مع صندوق النقد، دخلت الى هذه المفاوضات وهي مُثقلة بمروَحة اشتباكات في آن معاً: إشتباك مع مصرف لبنان، وعدم تطابق ارقامها حول خسائر لبنان مع ارقامه، واشتباك مع جمعية المصارف التي بدأت تلوّح بإجراءات ودعاوى قضائية في الخارج لحماية ودائعها، وللدفاع عن نفسها بعد الاعلان عن توجّه الحكومة لتخفيض عدد المصارف الى النصف، وأيضاً اشتباك مع المودعين والمَس بودائعهم. الى جانب اشتباك سياسي متواصل مع المعارضة، ما يعني في الخلاصة انّ ورقة لبنان ضعيفة سلفاً في هذه المفاوضات. في هذا الجانب، قالت مصادر مصرفية لـ»الجمهورية» انها لا تفهم حملة الحكومة على المصارف، والكلام الأخير عن سَعي حكومي لتخفيض عدد المصارف الى النصف نُدرجه في خانة السلبية، ونخشى ان تكون هناك أبعاد انتقامية مبيّتة ضد المصارف، كنّا وما زلنا نطالب الحكومة بعدم اللجوء الى خطوات متسرّعة وخطيرة، والتنصّل من المسؤولية وإلقائها على غيرها، وخصوصاً على المصارف».- رابعاً، بَدا جليّاً وأكيداً انّ كل الوضع في لبنان مَرئي بالكامل بكل تفاصيله «وطلعاته ونزلاته» من قبل صندوق النقد الدولي، اضافة الى حجم الفساد والارتكابات حتى بالأسماء. وبالتالي، هو يريد ان يرى امامه حكومة لبنانية تكون شريكة جدية، وتكون ذات مصداقية ومتقيدة بالالتزامات التي تقطعها، وقادرة على الوفاء بها.- خامساً، التأكيد الملحّ من صندوق النقد، هو توحيد أرقام الخسائر بين خطة الحكومة ومصرف لبنان، وعدم التنسيق في هذا الامر الحسّاس يبعث الى رسم علامات استفهام وتشكيك بأرقام الحكومة اللبنانية وأرقام مصرف لبنان معاً، علماً انّ المؤسسات الدولية، ومن بينها صندوق النقد، على دراية تامة بأرقام خسائر لبنان بالتفصيل.- سادساً، كان يمكن للحكومة أن تقرن دخولها الى المفاوضات مع صندوق النقد، الى تقديم ما قد تسمّى بادرة «حسن نيّة وتأكيد على المصداقية والجدية»، وذلك عبر الشروع بخطوات وإجراءات وتعيينات اصلاحية، مبنية على الكفاءة. فليس مفهوماً من قبل الصندوق او غيره من المؤسسات الدولية ما الذي يؤخّر الحكومة في حزم أمرها وعدم المبادرة الى اصلاح القطاع الكهربائي برغم إدراكها انه يشكّل عامل النزف الكبير لأموال الخزينة اللبنانية.- سابعاً، انّ الخطة التي دخلت الحكومة على اساسها المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وُضعت بطريقة «مسلوقة سلقاً»، تضمّنت بنوداً «من كل واد عصا»، ولم تأخذ في الاعتبار الاعراض الجانبية التي ستترتّب عليها، وهذا ما يجعل مشوار هذه الخطة صعباً جداً امام صندوق النقد، وكذلك هو صعب جداً في مجلس النواب الذي يفترض ان يقر بعض التشريعات المرتبطة بهذه الخطة.

اضف رد

إضغط هنا

أحدث المقالات