فَنّان و فِنّان

محطات نيوز _ بقلم مدير التحرير شربل سلامة

كان يا مكان وليس في قديم الزمان فنان وفنانة وراقصة كمان، وكان لهم تسريحة جميلة و وقفة الرمح وصوت الغربان، لا معايير للغناء ولا مخارج للحروف ولا ادبيات المسرح ويا نيال “الطرشان”
الموسيقى على انواعها منتشره في المجتمع اللبناني في حين ان الموسيقى الشعبية لاتزال تتمتع بشعبيه في لبنان، وجميعنا يدرك ان الفن هو تلك القيمه الثقافيه الراقيه والرؤية الفكرية والابداعيه التي تمتلك كل شروط النجاح، وجميعنا يدرك ايضا أن الفن او الحاله الابداعيه الراقيه كغيرها من مسائل الحياة يجب ان يترافق ويتلازم معها حالة نقيضه هابطه تمثل تلك الصوره التي تفتقر إلى ادنى عناصر الإبداع والأصالة والذوق الرفيع.
ولكن هناك من لا يدرك حجم المسافة الفاصلة بين الحالتين وايضا ربما هناك من يرى في الحاله الهابطه انها حاله فنيه كغيرها لها رموزها وأقطابها وانواعها، بل ربما البعض يذهب ابعد من ذلك ويعتبر كما بعض الفنانين وللاسف انها حاله صحيه ودليل عافيه لنا وللمجال الفني نظرا الى كثرة مزاوليها وإنتشارهم كما حشرات القمل في الرأس.
هذا الفن الهابط الذي روّج له اصحاب الاموال الضخمه وشركات الانتاج الفني متكئين على الانفلات الاعلامي ومواقع التواصل الاجتماعي الذين سعوا بغالبيتهم إلى تسويق وترويج هذا الفن على حساب الفن الراقي.
جميعنا نحب ان نموه عن انفسنا، والبعض يحب الرقص والاخر يرى في انواع الاغاني ذات النمط السريع مخرج لهمومه اليومية وضغط الحياة وظروفها الصعبة، وألانكى من ذلك يعتقد البعض ان الفن الهابط ماده استهلاكيه كونه يترك نوعا من اجواء التسليه والمرح والهرج والمرج في نفوس المتلقين الراغبين بالخروج من واقعهم الاقتصادي والاجتماعي نتيحة الظروف المعيشيه والاوضاع السياسيه في منطقتنا التي ربما تكون هي السبب وراء كل تلك الموجه المترديه وربما السبب الرئيسي الذي يشجّع الناس عموما على التفاعل مع هذا الفن الهابط، لكن الله خلق لدينا حاسة السمع ليمر من خلالها ما نتلقى الى الرأس حيث يقطن الفكر “عند البعض” لكن هناك استثناء وحاسة اضافية عند جزء كبير من الناس واصبحوا الاغلبية للاسف وهي الاستماع من خلال القدمين، بحيث “يجن وينط” المتلقي كما الابله دون التفرقة ما بين اغنية هزلية منحطة واغنية تحترم فكره، ناهيكم عن الاغاني الحزبية التي لا تفارق الملاهي الليلة واصبحت من الاساسيات.
بالطبع هناك فنان محترف نحترمه، وهناك فنان لا بأس به، وهناك فنان لسنا بحاجة للكثير من الوقت كي ندرك انه من صعاليك الملاهي الليلة وحتى لو جار به الزمن وجعله يقف على ارقى المسارح كما بعلبك مثلا، وهنا تتمنى للحظة ولو يهبط عامود من تلك الهياكل على رأسه ويزرعه في الارض وكأنه ينتقم من ما يحدث.
فإذا كان الفنانون الكبار ينتمون للصنف الاول او الفن الراقي والخلاق فإن هناك العديد من الفنانين الذين ينتمون الى حاله وسطيه لا راقيه ولا هابطه وهي الحاله العامه او السائده التي تحتل واقعا المساحه الفاصله بين الفن الراقي والهابط والتي هي عموما لا تقدّم ولا تؤخر.
وفي النهايه ما نشاهده اليوم لا يدعو إلى التفاؤل لكن بكل تأكيد يوجد العديد من الذويقة المستمعين والكتاب والاعلاميين والموسيقيين ما زالوا على نهج الكبار وعمالقة الفن والطرب الأصيل مثل عبد الوهاب وأم كلثوم و فيروز والرحابنه ووديع الصافي وسعاد محمد وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش وفايزة احمد وغيرهم.
اما لهؤلاء ألمستنسخين المترديين والسفلاء الذين يعتبرون انفسهم فنانين لهم نقول كما المثل القديم “مثل المعاز” اي راعي المعز الذي يغني حين تكون المعاز ترعى، انه ما زال افضل منكم ولا يجوز تشبيهكم به ولا تملكون من الفن سوى “الفن على وجوهكم”

اضف رد

إضغط هنا

أحدث المقالات