افتتاح مؤتمر عن القانون والرقمية في جامعة الروح القدس

رادار نيوز – افتتحت جمعية e-Omed الفضاء الرقمي المفتوح على البحر الأبيض المتوسط وجامعة الروح القدس – الكسليك مؤتمرًا بعنوان: “القانون والرقمية، قضايا جديدة في التدريب، البحث والممارسات المهنية”، في حضور وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية الدكتورة عناية عز الدين، نائب رئيس جامعة الروح القدس – الكسليك للشؤون الإدارية الأب الدكتور طلال هاشم، رئيس جمعية e-Omed ونائب الرئيس للعلاقات الدولية في جامعة مون بولييه، فرنسا البروفسور فرنسوا هين، نائب عميد كلية الحقوق في جامعة الروح القدس – الكسليك الدكتورة غادة كرم، وحشد من الأساتذة والمتخصصين، في حرم الجامعة في الكسليك.

كرم    

بدايةً، كانت كلمة لنائب عميد كلية الحقوق في جامعة الروح القدس- الكسليك الدكتورة غادة كرم سلّطت فيها الضوء على “تقنيات المعلوماتية والتواصل الجديدة التي باتت يوماً بعد يوم تحتلّ أهمية عظمى وتطرح إشكاليات قانونية. وتتجاوز هذه الثورة فروع الحقوق الموجودة أصلاً لتشمل ميادين أخرى متنوعة مثل الإدارة الإلكترونية، الخدمات العامة، جرائم المعلوماتية والإنترنت، قضايا المُلكية الفكرية، حقوق الماركات وحقوق المؤلفين، أمن شبكات الاتصالات… وهي قطاعات لها حساسية كبيرة تجاه التقنيات الجديدة ويُنتظر موقف رجال القانون منها…”

هين

ثم تحدث رئيس جمعية e-Omed ونائب الرئيس للعلاقات الدولية في جامعة مونبولييه في فرنسا البروفسور فرنسوا هين مقدماً لمحة عن “هذه الجمعية التي تأسست في العام 2011 والتي من ضمن أولوياتها تقوية الروابط بين مؤسسات الأبحاث والتعليم العالي في بلدان المتوسط وتعزيز التعاون فيما بينها. كما تقوم بنسج شبكة تواصل تجمع الأعضاء المستعدين لخلق الموارد الرقمية المخصصة للأبحاث أو التدريب وتبادل استعمالها”.

وعن موضوع المؤتمر، اعتبر هين أنّه “موضوع يطرح تعقيدات عدة وتداخلات متنوعة ويغذي أولاً أفكار المؤسسات العلمية إضافة إلى المؤسسات الأخرى التي تشكّل هيكلية مجتمعنا أكانت سياسية أم إدارية أم تعليمية أم إعلامية أم اجتماعية. ولا نستطيع أن نخفي مدى تأثير الثورة الرقمية على حياتنا اليومية بجانبها النظري والتطبيقي. وتساءل في الختام: هل الرقمية هي في خدمة الحقوق؟ أم الحقوق هي في خدمة الرقمية؟”

الأب هاشم

أمّا نائب رئيس جامعة الروح القدس- الكسليك للشؤون الإدارية الأب الدكتور طلال هاشم فاعتبر أنّ “الثورة الرقمية هي ثورة ثقافية عميقة أحدثت تغيرات في مختلف أنماط حياتنا وأشكالها. وبالتالي، أدّت إلى تغيرات مهمة في التعليم والأبحاث والمهن. ومما لا شك فيه أنّ للرقمية تأثيرًا حاسمًا في مختلف جوانب حياتنا وثقافتنا. علماً أنّ الثورة الرقمية تشكّل جزءاً من مجموعة ثورات متشابكة حوّلت، خلال العشرين سنة الماضية، الثقافة الحديثة إلى ثقافة ما بعد الحداثة”.

ثم استعرض “للنتائج الإيجابية للتكنولوجيا الرقمية على التعليم لجهة تحسينه، واكتساب أداء أجود، والتزام أفضل للمتعلم، وتحسين موقف الطلاب تجاه التعليم ودعم الأبحاث من خلال قدرتها على التعاطي مع أعداد كبيرة من المعلومات والبيانات. وعلى صعيد المهن، كان للابتكارات الرقمية تأثيرها الإيجابي أيضاً لاسيما في الخصائص الأساسية للمهن: المعرفة والتعليم والثقة…”

وختم: “ويبقى السؤال: هل الرقمية خطر أو فرصة؟ هو سؤال نسبي لكل منّا جوابه الخاص، إلاّ أنّه لا يمكننا أن ننكر أنّ التكنولوجيا الحديثة تهدف إلى مساعدة القطاع القانوني للعمل بفاعلية أكبر، صحيح بطريقة بطيئة ولكن محرِّكة في الوقت عينه”.

الوزيرة عز الدين

وفي ختام الافتتاح، تحدثت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية الدكتورة عناية عز الدين، التي قالت: “كلّ الشكر لكم على هذه الدعوة واسمحوا لي أن أعرب عن سعادتي بأن أكون معكم هنا في جامعة الكسليك، التي تمثل صرحاً علمياً جامعياً كبيراً في لبنان، بالإضافة إلى كونها منبرًا مهمًا للحوار وللمطارحات الفكرية العلمية والاجتماعية. كما أن عنوان ندوتكم “الرقمية والقانون” شكل عاملاً مشجعاً لحضوري ومشاركتي الى جانب العديد من المتخصصين وأصحاب الخبرة اللبنانيين والعالميين”.

ولفتت إلى أن الرقمية هي سمة هذا العصر وقد اعادت تشكيل المعاني والمفاهيم وأنماط الحياة والعلاقات بين مختلف مكونات المجتمع. ونحن اليوم على اعتاب الثورة الصناعية الرابعة ونشهد صعود الشبكية بتعقيداتها وسرعتها وتأثيرها المعقد والممتد والشامل والتغييري لكل أنماط العلاقات وبعض المفاهيم القائمة.

وأشارت في هذا الإطار إلى “ثلاث مسائل أساسية لا بد من إيلائها الأهمية من قبل المختصين والمعنيين،

أولاً: مسألة الأخلاقيات المتبعة داخل مجتمع التكنولوجيا وضرورة أن يؤمن القانون عملية الضبط المتوازن بين حقوق المواطن الرقمي من جهة وبين واجباته ومسؤولياته من جهة ثانية.

ثانياً: الحفاظ على حقوق الإنسان في المجتمع الرقمي ومستقبلاً في ظل الثورة الصناعية الرابعة.  التجربة حتى الآن تتضمن الكثير من المخاطر وهذا ما حذرت منه الامم المتحدة في مؤتمر “الحق في الخصوصية في العصر الرقمي”، حيث أشارت التقارير الأممية إلى أن المعلومات التي جمعت عن طريق المراقبة الرقمية استخدمت لاستهداف المعارضين داخل بعض الدول وتعريضهم للتعذيب وسوء المعاملة.

وثالثاً: والأهم أن تصب الرقمية والثورة الجديدة في صلب العملية التنموية لا أن تتحول الى عائق على هذا الصعيد او الى محفز اضافي لتوسيع الفجوات بين الناس، ما يؤدي إلى مزيد من اللاعدالة الاجتماعية. الهم الأساسي هنا يجب ان يتركز لجعل التكنولوجيا عاملاً لتوسيع الخيارات أمام الناس ولتأمين المزيد من الفرص على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهذه من أهم شروط تحقق التنمية في العالم اليوم”.

وشددت على “أن المقاربة التنموية التي أشرنا إليها كانت حاضرة في مختلف مراحل ومستويات مشروع التحول الرقمي الذي باشرنا العمل عليه في وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية منذ مطلع هذا العام. فالتحول الرقمي يعد من أهم وسائل واسس الحكومة الرشيدة واحد شروط بناء المؤسسات الشفافة والفعالة والخاضعة للمساءلة والتي توفر القرارات والخطط والاستراتيجيات.

وقد ورد في اهداف التنمية المستدامة 2030 ان الحوكمة الرشيدة والمؤسسات العامة الفعالة هما عنصران اساسيان في تحقيق التنمية. كما يساهم التحول الرقمي في التنمية الاقتصادية لأنه يؤدي إلى رفع مستوى الكفاءة والفعالية للعمليات والاعمال والاجراءات ويقدمها بسرعة ودقة وفي الوقت المناسب ويحقق التكامل بين القطاعين العام والخاص”.

وخلصت إلى “أننا نتطلع لأن يُحدث هذا المشروع قفزة نوعية في تفعيل الادارة العامة، والحدّ من ممارسات الفساد في داخلها، وتحسين جودة الخدمات التي تقدمها هذه الادارة الى القطاع الخاص والمستثمرين والناس عموماً. وقد لحظت الخطوط العريضة لمسودة الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي التي تم وضعها بالتعاون مع خبراء محليين ودوليين، كافة الجوانب الضرورية للمشروع بما فيها الشق القانوني التشريعي حيث ورد بند ينص على تعدیل التشریعات الحالیة، بما يتناسب مع الاتجاهات العالمية في تطویر خدمات رقمیة بسیطة ومریحة. وفي هذا الإطار، أتوجه اليوم الى الحاضرين في هذه الندوة لتزويدنا بالاقتراحات والأفكار على هذا المستوى.

فنحن على قناعة تامة بأن الولوج في الفضاء الرقمي ينتج عنه الكثير من التحديات التي تستدعي تضافر جهود مختلف الفاعلين من حكومات وجامعات وشركات وأكاديميين وأفراد”.

واعتبرت “أن مشروع التحول الرقمي هو من المشاريع التي انطلقت في ظل حكومة استعادة الثقة. هذه الحكومة التي استطاعت أن تحقق إنجازات هامة مثل قانون الإنتخاب وقانون الموازنة وسلسلة الرتب والتعيينات المختلفة، إضافة إلى تأمينها بيئة سياسية حاضنة للاستقرار السياسي والأمني للبنان، وسط منطقة مشتعلة إلى حد الانفجار. من هنا كان اصرار فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ودولة رئيس مجلس النواب نبيه بري على عودة الرئيس الحريري لتوضيح ملابسات الاستقالة وتوضيح ظروفها وأسبابها. عودة لا بد منها لاستعادة الانتظام في عمل المؤسسات ولوضع المسار السياسي في سياقه الدستوري والطبيعي. مع الاشارة إلى أن التجربة الصعبة التي مررنا بها مؤخرًا كانت واحدة من المخاطر التي استطعنا أن نحولها الى فرصة تمثلت بحالة الإجماع الوطني والالتفاف حول هذه القضية وتعزيز الإحساس بالكرامة الوطنية والتمسك بالسيادة”.

وأكدت أنه “بهذه الروحية نستطيع أن نواجه كل التحديات وقد عبّر الرئيس بري عن هذا الأمر عندما قال إن لبنان يكون قويًا وعصيًا على التحديات في ظل الوحدة الوطنية ويكون أوهن من بيت العنكبوت في ظل الانقسام.  وعلينا أن نبذل جهودًا جادة وجبارة لاجتياز الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد بواسطة الحوار المسؤول والواعد.  ولا بد أن نؤكد على ضرورة اجراء الانتخابات النيابية في موعدها لأنها أصبحت من أوجب الواجبات اليوم لأنها الكفيلة بإنتاج التوازنات السياسية الجديدة الممثلة للشعب اللبناني والكفيلة بإحداث نقلة نوعية على المستوى السياسي”.

وختمت بالقول: “بدأنا حديثنا بالرقمية ونختمه بالقانون. القانون وليد البيئة الاجتماعية وهو ينمو في المجتمع ويواكب تطوره ويعبّر عن ضمير الجماعة فيه ويهدف الى المحافظة على المجتمع وتوازنه والعدالة فيه. العدالة التي تبقى الضامن الأساسي لحياة كريمة وعزيزة سواء في عصرنا هذا أو في عصر الثورة الصناعية الرابعة القادمة بسرعة قياسية”.

الجلسات

يستمر المؤتمر ليومين، تعقد خلالهما جلسات تضم عدداً من رجال القانون والحقوقيين والقضاة والباحثين والأكاديميين من لبنان وفرنسا وكندا والمغرب وتونس، للبحث في تأثير الرقمية على إعداد رجال القانون وأساليب البحث وعناصره وعلى ممارسة الحقوق والتعاون المتعدد الاختصاصات في مجال الحقوق.

اضف رد

إضغط هنا

أحدث المقالات