عصر القلق والاكتئاب والتوتر الاجتماعي… الدكتور حسين اسماعيل دشتي

محطات نيوز – لاشك أننا جميعا نواجه عقبات وصعوبات كثيرة في هذه الحياة، وليس بغريب أن نستمع للشكاوى الدائمة من عند الناس!! فقد أصبح الملل والضيق والاكتئاب سمة بارزة من سمات هذا العصر؛ حتى صار يُعرف لدى العديد بـ عصر القلق والاكتئاب والتوتر الاجتماعي…!! وهناك البعض أبرز سماتهم التوجُّع الدائم والتَّشكي المستمر، يعشقون العيش في دور الضحية، ويهوِّلون المواقف التي تمر عليهم، ويُبْدعون في حشد الكثير من العوامل والأسباب التي تقف وراء فشلهم، وتجدهم يبررون ذلك دائما بمبررات غير واقعية، فيوهمون أنفسهم بتلك الأسباب والعوامل؛ لتصنع لهم درعا واقيا، ولكنهم في الواقع يزرعون بذلك في أنفسهم كثيرا من اليأس، ويكدسون فيها كتلا قاتمة من الأحزان، فتضيق عليهم سبل الحياة رويدا رويدا…!!

الحقيقة هناك حيرة كبيرة، مشاكل كثيرة ومعاناة قاسية وفقر وحرمان تعانيه شرائح واسعة من المجتمع، لكننا عندما نتحدث عن الحياة بالمعنى الواسع للكلمة، بالقطع لدى كل واحد منا مبرراته القوية التي تدعم آراءه ومواقفه في الحياة، نرى أن السبب الحقيقي لكل ما نعانيه من اضطرابات وأزمات فعلية في حياتنا هو أن الرقي المادي المتسارع باستمرار لم يواكبه رقي فكري موازٍ، ولم يصاحبه رقي أخلاقي وتمسك بالمبادئ والقيم النبيلة، ومن ثم سيطرة روح المادية فينا، واكتسبت ديناميكية الحياة الطابع المادي الجاف، القائم على منظومة جامدة من الآليات والتدابير الصارمة القاسية، وتضاءلت مساحات المشاعر والأحاسيس الإنسانية الرقيقة، واكتفى الكثير من الناس بالواجبات فقط، وتوارى كثير من الأخلاقيات الاجتماعية الرائعة مثل المروءة والشهامة والمؤازرة، وكادت مظاهر المساندة المعنوية والدعم النفسي والتعاطف الوجداني تتلاشى من حياتنا، وقل الإحساس وزاد التوجه الفردي، وتترسخ كل يوم الميول الفردية الذاتية وتتقلص مساحات الاهتمام العائلي؛ ومن ثم يزداد تهميش الآخر وتتَجاوز مشاعره في أغلب الأوقات، ويكاد لا يلتفت إليه أحد…!!

والمشكلة تتفاقم عندما يجد المرء نفسه محاصرا بهذه الثقافة الجديدة التي تجتاح جميع المجتمعات الآن، فيقف حائرا لا يدري ماذا يفعل؟!! هل يعامل الناس بنفس البرود والتجاهل الذي يلقاه منهم؟! هل يتصرف مع الناس بنفس الطريقة من الزيف والخداع وإضمار السوء والشر وإظهار الخير؟! أليس من النفاق والرياء والخيانة أن يبدي المرءُ للناس عكس ما يبطن لهم؟! أم أن هذا الأسلوب في التعامل هو أنجح الأساليب حتى لا يتصادم المرء مع غيره ويفتح الباب على مصراعيه لمناكفات ومشاحنات ومضايقات لا تنتهي؟! ألم يجرب البعض الإخلاص والشفافية والخوف الشديد على العمل، فما كان جزاء الواحد منهم سوى إساءة الظن به، وتشويه سمعته، والوشاية به، واتهامه بالرياء والتصنع والتزلف والتقرب للمسؤولين؟!

إذن ما الحل؟ وكيف العمل؟ هل ينعزل المرء عن العالم وينكفئ على نفسه؛ ليصونها من طعن الطاعنين، وتشويه الموتورين، وإساءات الأعداء والحاقدين؟ أم يتحمل جمود المشاعر وغلظة وجفاء الكثيرين…؟!!!

في الحقيقة فيما يرددونه من أفكار أننا نعيش في الزمن الصعب رغم أن المجتمعات العربية تمر بفترة انتقالية؛ وهي مجتمعات صالحة ميَّالة للسلام والهدوء، وتسعى للرقي والتطور مع الحفاظ والحرص على المبادئ والقيم والمثل العليا…

لهذا نحتاج إلى مزيد من الرفق واللين والتعامل بتؤدة وسكينة في كل المواقف والمجالات، وأن نتحلى أكثر بروح التضحية والعطاء،  ونشر ثقافة الأمل والتفاؤل في الجميع.

 

اضف رد

إضغط هنا

أحدث المقالات