مؤتمر وطني عن “دور التراث الثقافي غير المادي في المحافظة على التنوّع الثقافي وتعزيز المواطنة والتنمية المستدامة” في جامعة الروح القدس

محطات نيوز – نظّم قسم العلوم الاجتماعية في كلية الفلسفة والعلوم الإنسانية في جامعة الروح القدس- الكسليك بالشراكة مع اللجنة الوطنية اللبنانية لليونيسكو مؤتمراً وطنياً بعنوان “دور التراث الثقافي غير المادي في المحافظة على التنوّع الثقافي وتعزيز المواطنة والتنمية المستدامة”، في حضور وزير الثقافة ريمون عريجي، النائب نعمة الله أبي نصر، رئيس الجامعة الأب البروفسور جورج حبيقة، نائب رئيس الجامعة للشؤون الإدارية الأب طلال الهاشم، الأمينة العامة للجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو الدكتورة زاهدة درويش جبور، عميد كلية الفلسفة والعلوم الإنسانية الأب جان رعيدي، رئيسة قسم العلوم الاجتماعية في كلية الفلسفة والعلوم الإنسانية في الجامعة البروفسورة ميرنا مزوق، إضافة إلى أعضاء مجلس الجامعة وفعاليات دينية وبلدية وتربوية واجتماعية وثقافية…

نصر

افتتح المؤتمر بالنشيد الوطني اللبناني، ثم كانت كلمة التقديم للدكتورة كارين نصر ديميرجيان، العميد المشارك في كلية الفلسفة والعلوم الإنسانية في الجامعة اعتبرت فيها “أن هذا المؤتمر اتخذ شعار “تراثنا أساسنا”، فتراثنا أساسنا وماضينا والحافظ الأمين على هويتنا وتاريخنا، فهو خير دليل على رمزية ذاتنا الإجتماعية والثقافية”.

مزوق

ثم قدمت رئيسة قسم العلوم الاجتماعية في كلية الفلسفة والعلوم الإنسانية في الجامعة البروفسورة ميرنا مزوق شرحًا عن مشروع حماية وتحفيز التراث الثقافي غير المادي اللبنانين، عارضة للإشكالية وهي: رصد الواقع من خلال الخبرات والأبحاث: الواقع اليومي (المناسبات، المحطّات اليوميّة، الأعياد، الأطباق،إلخ)، ودراسة ميدانيّة من خلال مشروع بلديّات: تمركز البعد التراثي في خانة الآنيّة والذكرى الغير منخرطة في اليوميّات، كسر العلاقة الزمنيّة الثلاثيّة الأبعاد بين الماضي والحاضر والمستقبل (خاصّة من الناحية القيميّة) والإنطلاق إلى الآخر من قاعدة معرفيّة للذات الثقافيّة غير ثابتة.

ولفتت مزوق إلى “أن هذا المشروع قد أتى إنطلاقاً من إهتمام اليونسكو بالتراث الثقافي غير المادي، ومن دور الجامعة  الإجتماعي – الثقافي – العلمي المتفاعل مع مكوّنات المجتمع، وإنطلاقاً من أهميّة حماية وتدعيم صلة الوصل الإجتماعيّة/الثقافيّة الضامنة لخصوصيّة الهويّة اللبنانيّة كما التنوّع الثقافي اللبناني، ومن أهميّة تثبيت الذات الثقافيّة الفرديّة والجماعيّة الّتي نحملها عبر كلّ مكان وزمان، ومن أهميّة تصويب محتوى كل من الحقل المعجمي والمفاهيمي والتصرّفي من خلال تفاعلهم في الحياة اليوميّة. ويهدف المشروع إلى تعزيز الوعي بأهميّة الإرث الثقافي غير المادي وعلاقته الوجوديّة بالهويّة الخاصّة لكل مجتمع. كما يهدف إلى بناء إستراتيجيّة عمل تتضمّن المشاركة الفعّالة للمدارس والجامعات والبلديّات والمؤسّسات غير الحكوميّة، وذلك عبر التأكيد على دور هذا الإرث في تحقيق التفاعل الإجتماعي والتنمية المستدامة”.

ثم عرضت مراحل التحضير، متناولة المراحل المنجزة، وهي: إطلاق المشروع: الدراسة الميدانيّة، وتجميع الداتا والخبرات التربويّة مع المدارس المنتمية لشبكة اليونسكو ومدارس كاثوليكيّة، كما المؤسّسات الشريكة: مكتب راعويّة المرأة في الدائرة البطريركيّة بكركي والجماعات الأبرشيّة في كل المناطق اللبنانيّة، جمعيّة دليلات لبنان، جمعيّة  أوفرا؛ إدراج مفهوم التراث الثقافي غير المادي في مواد التعليم العام في جامعة الروح القدس-الكسليك، على المستويين النظري والبحثي والتطبيقي؛ متابعة المدارس المشاركة في أشنطتها وبرامجها التربويّة الّتي خُصّصت للمشروع؛ فرز الإستبيانات البحثيّة والتحليل الكمّي العلمي لها؛ خلق label للمؤسّسات الصديقة للتراث الثقافي غير المادي مع آليّة متابعة سنويّة؛ تنظيم مؤتمر محلّي يهدف إلى تظهير المفاهيم المؤسّسة للمشروع وعرض نتائج البحث الميداني وعرض مكوّنات وأُطر المشروع البحثي التطبيقي (2015-2018) لتفعيل إنتماء المؤسّسات التربويّة والإجتماعيّة والثقافيّة له وتظهير النشاطات التربويّة للمدارس المشاركة.

ثم تطرقت إلى المراحل المَنوي إنجازها وهي: إستكمال تجميع الداتا التراثيّة في المناطق وحثّ مؤسّسات جديدة الإنضمام للمشروع، جمع وفرز الداتا التراثيّة، نشر الدراسة الميدانيّة مع أعمال المؤتمر، الترجمة الفنيّة للداتا التراثيّة، ونشر الداتا التراثيّة، نقل خبرة المشروع لبلدان الشرق الأوسط من خلال اللجان الوطنيّة لليونسكو في كل بلد، تنظيم حلقات دراسيّة وتنظيم مؤتمر على مستوى منطفة الشرق الأوسط.

جبور

من جهتها، لفتت الأمينة العامة للجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو الدكتورة زاهدة درويش جبور إلى “أن التراث الحي هو بالضبط ما توليه اليونسكو الاهتمام وما تسعى إلى صونه والمحافظة عليه من خلال الاتفاقية التي تم توقيعها في العام 2003 حول حماية التراث الثقافي اللامادي التي تبنتها الدول الأعضاء في منظمة اليونسكو ودخلت حيز التنفيذ في نيسان 2006”.

وذكرت بأن “المحافظة على التراث تسهم في تأصيل الإنتماء إلى الهوية الوطنية وصولاً إلى بناء المواطنة العالمية. كما يشكل التراث اللامادي عاملاً مهمًا من عوامل تحقيق التنمية المستدامة وهذا ما يشير إليه بوضوح عنوان هذا المؤتمر الذي يندرج ضمن مشروع أطلقه قسم العلوم الاجتماعية في كلية الفلسفة والعلوم الإنسانية في الجامعة منذ العام المنصرم تحت عنوان: “تراثنا أساسنا” وكان للجنة الوطنية لليونسكو فرصة المشاركة فيه، انسجامًا مع رسالتها في نشر ثقافة المواطنة والتوعية على القيم والأهداف التي تسعى اليونسكو إلى تحقيقها من خلال برامجها المتعددة، ووفقًا لتوجه أساسي نحو التعاون وبناء الشراكات مع المؤسسات الأكاديمية والتربوية والمجتمع المدني”.

الأب حبيقة

وألقى رئيس جامعة الروح القدس- الكسليك الأب البروفسور جورج حبيقة كلمة شدد فيها على “أهمية هذا المؤتمر الذي جاء ليكمل مقاربة الإرث الثقافي المادي، لاسيما بعد توقيع الجامعة اتفاقية تعاون مع جامعة أوربينو كارلو بو الإيطالية تقضي بحفظ التراث الثقافي وترميمه. ويرتبط هذا الإرث اللامادي ارتباطاً وثيقاً بيوميات المجتمعات وطرائق انفعالاتهم وسلوكياتهم وأساليب التفكير والتحاليل والمقاربات والتلاقي والتحيات والمشاركة، الخ. إن الإرث الثقافي اللامادي يحمل في طياته ذاكرة الأمكنة في فرادتها وخصوصيتها. تتناقله تلقائيا التراثات الشعبية، سواء الشفوية أم المكتوبة، من جيل إلى آخر، من دون تمحُّصه عبر المقاييس المنطقية والعقلية الصارمة”.

ولفت الأب حبيقة إلى أنّ “الإرث الثقافي غير المادي ينبع من حرية الفكر البشري الباحث عن الأنسب، ومن المخيّلة الخلاّقة الباحثة عن الأجمل، ومن دفق المشاعر الباحثة عن الأكثر متعةً… فالتنوّع هو أساسُ الوجود بأكمله وهو بالتالي الطريق الوحيد إلى الحياة والسلام. إن إلغاء الفروقات وتذويبها في بوتقة وحدة الشكل والانصهار إنما هو فعلٌ من أفعال العنف الذي يتعارض والمبادئ الناظمة للحياة المجتمعية الديمقراطية والحرَّة. فالحياة لا تقيم إلا في التنوُّع، وخارج التنوُّع، موكبُ جنازة الحياة والإبداع”.

الوزير عريجي

وألقى وزير الثقافة ريمون عريجي كلمة أشار فيها إلى أنّ “التراث الثقافي غير المادي، مصطلح بدأ التداول به في سبعينيات القرن الماضي وكان يسمّى الفولكور أو التراث الشفهي أو الثقافة الشعبية وذلك تمييزاً عن التراث الثقافي المادي وبدأ الاهتمام الجديّ بهذا التراث غير المادي مع صدور إعلان 1998 عن اليونيسكو حول روائع التراث غير المادي… الإعلان الملزم رأى النور مع اتفاقية اليونيسكو للعام 2003 حول الحفاظ على التراث والذي دخل حيّز التنفيذ سنة 2006 كأوّل وثيقة قانونية وقّع عليها حوالى 160 دولة…”

وأضاف: “هذا الإعلان وصّف التراث غير المادي بالتقاليد وأشكال التعبير الشفهي والحركي والفنون والعروض والطقوس والاحتفالات والعادات والتقاليد وسائر المهارات اليدوية المرتبطة بالفنون الحرفية والقدرات الإبداعية لدى الشعوب. ولقد جرى تدعيم هذا الإعلان باستحداث صندوق ترعاه المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO) التابعة للأمم المتحدة وذلك لحماية هذا التراث ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً وللمحافظة على حقوق المبدعين…”

وتابع قائلاً: “لبنان أحد الدول الموقّعة على اتفاقية العام 2003 وتم اختيار الزجل كأول عنصر من التراث غير المادي اللبناني. وفي العام 2015، أُدرج على القائمة التمثيلية البشرية لدى اليونيسكو بالتعاون بين الوزارة واللجنة الوطنية لليونيسكو. هذا النوع من الشعر المحكي والمغنّى على المنابر، أحد سمات إبداعاتنا الشعبية، توارثته الأجيال وشكّل ذاكرة لمساراتنا الاجتماعية والإنسانية والسياسية وعلاقات الشرائح في مجتمعنا اللبناني، ومدى تعلّقنا بهذا التراث المتوارث من أجيال بعيدة، ويشكّل فرادة شعبنا في توثّباته وأحلامه وأشكال تعبيراته في الحياة اليومية وعاداته وتقاليد الفرح والحزن والولادات والفصول والغناء والموسيقى والمسرح والرقص… هذه الأنماط والممارسات نخاف عليها من الزوال، بفعل هجمة العولمة وضغوطات التغيير وشرور التّنميط في الملبس والتعابير وممارسات اليوميّ وعدوى التقليد واستعمال الكلمات والتعابير…”

واعتبر أنّ “التحدّي كبير، والحاجة على قدر المتاح، صارت ضرورة ملحة لحماية هذا الإرث الرائع، وذلك من خلال ترسيخه في الأرياف والمناطق حيث يشكّل نماؤه ارتباطاً بالأرض والجذور ويخلق فرص عمل جديدة ويكوّن عامل جذبٍ سياحي وذلك من خلال خطة إنمائية مستدامة”.

وختم بالقول: “إننا في وزارة الثقافة نعمل في هذا الاتجاه، وعلى سبيل المثال، وبموجب اتفاق مع جامعة الروح القدس، عهدنا إلى دوائرها الفنية بإعادة تأهيل الموثّقات الصوتية والمرئية، من تسجيلات وأفلام لحفظها تبعاً”.

محاضرة افتتاحية وطاولات مستديرة

ثم ألقت رئيسة قسم التراث الثقافي اللامادي في منظمة اليونسكو من العام 2008 إلى العام 2015 سيسيل دوفيل المحاصرة الافتتاحية تحت عنوان: “المحافظة على التراث الثقافي غير المادي من أجل التنمية المستدامة”.

وانعقدت بعدها طاولات مستديرة شارك فيها نخبة من الباحثين والأكاديميين من مختلف الجامعات اللبنانية والأوربية لمناقشة مواضيع عدة، ومن أبرزها: التراث غير المادي مكوّن أساسي للهوية الثقافية، دور الفن، والعلوم الزراعية والغذائية، والتربية في تعزيز التراث الثقافي غير المادي والتنمية المستدامة والمحافظة عليهما…

اضغط على الصورة

اضف رد

إضغط هنا

أحدث المقالات