محطات نيوز – أكد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أن “معركتنا ليست سياسية ولا فئوية ولا حزبية، ونرفض أية معادلة تسمح بأن يكون المسيحيون خارج الحكم، ولا يخبرنا أحد أننا لا نزال في الداخل فيما نحن مهمشون، ونختار أقلية الأقلية ونعطيها الحكم، ونبعد أكثرية الأكثرية”.
وتوجه الى الجالية اللبنانية في كاليفونيا، بالقول: “هذا ليس لبنان الذي نقبل به لأنه لا يشبهنا، وليس هو اللبنان الذي ضحيتم من أجله وهاجرتم ولا تزالون متعلقين به حتى اليوم. لبنان هو الذي سنبقى نقاتل من أجله، بميثاقه وسيادته، باستقلاله وكرامة شعبه وبهويته لكي نحافظ عليها وتبقى كما هي. لهذا نريد أن نعمل معكم لنعيد لكل لبناني هويته أينما كان”.
جاء ذلك خلال حفل الاستقبال الذي دعا اليه القنصل العام للبنان في لوس أنجلوس جوني ابراهيم وعقيلته، وحضره عدد من أبناء الجالية اللبنانية من شمال ولاية كاليفورنيا.
وقال باسيل: “لسنا مسرورين اليوم بالوضع اللبناني الحالي، ولا نأتي الى هنا لنعطيكم الآمال الكاذبة، نحن لسنا راضين عن هذا الوضع ولهذا السبب نعمل لتغييره. نريد أكثرية شعبية ونيابية لتحقيق المشاريع التي نعمل عليها. لا نستطيع القبول بهذا اللبنان الذي دفع أثمانا كبيرة كالهجرة التي بدأت منذ سنوات عدة”.
وسأل: “أي لبنان نريد، أن يبقى لبنان الميثاق، الميثاق الذي على أساسه وجد لبنان، أي أننا نحن اللبنانيين ارتضينا وتعاهدنا أن نعيش مع بعضنا بالتساوي، مسيحيين ومسلمين، وأن نتشارك هذه البقعة من الأرض التي، جغرافيا، لها معنى كبير، وهي نقطة وصل بين الشرق والغرب؟ فالقسم اللبناني الذي يعتبر نفسه قريبا من الشرق، والقسم الآخر من الغرب، أقول لهما إن لبنان وطن نهائي لأبنائه لكي يستطيعوا أن يعيشوا الرسالة المسيحية- الإسلامية الواحدة التي تقول إنها تستطيع أن تعيش في مفهوم واحد ووطن واحد وبشراكة حقيقية، هذا هو الميثاق الذي ندافع عنه، نحن ندافع عن المسيحيين والمسلمين لكي يبقى لبنان صامدا وشاهدا لرسالته التي حملها ويدافع عنها خصوصا في هذه الأيام التي تهدده أشكال العنف الإنساني باسم إلهي، واشكال بشعة، وهذه هي ميزته في الشرق”.
أضاف: “واجهنا الإرهاب منذ عشرات السنين، وعندما لا نواجهه في المنطقة ونتصدى له يتخطانا ويصل الينا، وعندما نعجز يصل الضرر الينا، لهذا السبب نحن نقوم بالمعركة عنا وعن غيرنا، ونقوم بالشهادة في هذا المكان من العالم أي في الشرق، للدفاع عن قيمنا وقيمكم وقيم الغرب. إن معركتنا ليست فئوية ولا حزبية ولا سياسية، وأنا من خارج لبنان أتكلم معكم كوزير خارجية ولا أقبل إلا أن أتحدث معكم كوزير للخارجية، ولا أقبل إلا أن أتكلم كلاما وطنيا عاما وجامعا لا يقسم اللبنانيين ولا يميزهم. إذا اعتبر أحد في لبنان أنه بإمكان المسلمين العيش من دون المسيحيين أو العكس بالعكس، فليقل لنا. وإذا اعتبر أحد أن المسيحيين يستطيعون أن يكسروا المسلمين أو أن المسلمين يستطيعون كسر المسيحيين وتهميشهم وجعلهم يشعرون أنهم ليسوا في وطنهم، فليقل لنا. وهذا الأمر له قاعدة واحدة وهي أن نكون متساويين. فالحقوق والواجبات يجب أن تكون متساوية بكل شيء. هل نريد رئيسا للجمهورية؟ نعم نريد رئيسا. ولكن هل نريده يمثل نفسه أو شعبه؟ نريده يمثل السيادة والاستقلال أم يمثل دولة، دولة أرادت أن يأتي أم لا يأتي؟ هل نريد قانون إنتخاب يمثل كل اللبنانيين أم أجزاء منهم، يعطيهم كامل حقوقهم أم يغلب فريقا على آخر، إن كان هذا الفريق منطقة أو حزبا أو طائفة أو مذهبا؟ هل نريد حكومة؟ نعم نريد حكومة. هل نريدها لكل اللبنانيين أم أن تحكم قسما منهم؟ إن العيش المشترك نريده بين من ومن؟ نريده بين كل اللبنانيين. هذه مفاهيم عامة ندافع بها عن كل الناس وعن كل اللبنانيين، وهذه تحفظ لنا وطننا، ولهذا نرفض أية معادلة سمحت للبنان أن يصل الى هذا الوضع المتردي لأن لا ميثاقية لديه، ولأنهم لم يحترموا أن يتشاركوا بإعمار البلد وليس بتخريبه. هذه المعادلة تسمح بأن يكون المسيحيون خارج الحكم، وهذا لن نقبل به، ولا يخبرنا أحد أننا لا نزال في الداخل فيما نحن مهمشون، ونختار أقلية الأقلية ونعطيها الحكم، ونبعد أكثرية الأكثرية”.
وتابع: “إن المعادلة التي تدخل الفساد الى السلطة وتخرج النزاهة، تعاقب الآدمي وتكرم السارق، لن نقبل بها وسنظل نقاتلها. إن المعادلة التي تبقي الاختلال سيد الموقف وتقبل بأن نضع مرسوم تجنيس فنجنس 300 ألف شخص غير لبناني في بلد يضم 4 ملايين، لن نقبل بها. كذلك نرفض المعادلة التي تقبل ان نسكت على أمر واقع قائم وهو وجود فلسطينيي 48 في بلدنا، على أساس أنهم دخلوا لأسبوع، وكأننا لم نتعلم أي شيء بعد 70 عاما، ونوافق على إدخال مليون ونصف المليون سوري، ولا نقوم بأي شيء، سوى القول إننا ضد توطينهم، كما قلنا إننا ضد توطين الفلسطينيين ولم نفعل شيئا وهم لا يزالون على أرضنا، فالأمر هو نفسه. إن هذه المعادلة التي تتركنا نسكت أمام الدول لأن إرادة هذه الدول أن تضع عندنا مليون ونصف مليون شخص وشقيق وجار وأخ وعزيز، ولكن ليس لبنانيا. ونحن، لبنانيين أو غير لبنانيين، يجب أن نكون إنسانيين فنأتي بكل شعوب العالم الى أرضنا التي لا تتسع، ونرمي شعبنا خارجها، أهكذا نكون لبنانيين؟ أم أننا نكون لبنانيين عندما نحافظ على شعبنا في أرضنا، ونذهب الى شعبنا المنتشر في العالم فنرى كيف علينا أن نرده الى أرضنا، ونهتم به وننسق له أموره وظروف وحياته. عندما يفيض عنا، نفكر كيف نساعد الشعوب الأخرى، ونحن نساعد ونعطي مجانا لأن طبيعة شعبنا مضيافة وكريمة، ولكن عندما نعطي غيرنا على حساب شعبنا، فهذا يعني أننا لسنا لبنانيين وأننا نظلم شعبنا، ونتخلى عن بلدنا. هذا ما حصل عندما هاجرتم، وهذا ما يحصل اليوم مع اللبنانيين الذين يتركون بلدهم لأنهم يخسرون أعمالهم ولقمة عيشهم بسبب وجود آخر على أرضهم يحصل على الماء والكهرباء وسائر الخدمات مجانا، فيما اللبناني يدفع لقاء كل شيء ويخسر وظيفته”.
وختم وزير الخارجية: “هذا ليس لبنان الذي نقبل به لأنه لا يشبهنا، وليس هو اللبنان الذي ضحيتم من أجله وهاجرتم ولا تزالون متعلقين به حتى اليوم. لبنان هو الذي سنبقى نقاتل من أجله، بميثاقه وسيادته، باستقلاله وكرامة شعبه وبهويته لكي نحافظ عليها وتبقى كما هي. لهذا نريد أن نعمل معكم لنعيد لكل لبناني هويته أينما كان، هكذا نحافظ على أصالتنا وتراثنا ونكون أمينين على وطننا ونحافظ عليه”.
ابراهيم
وكان حفل الاستقبال بدأ بالنشيدين اللبناني والأميركي، وبعد تقديم من ديزيريه شبير، ألقى ابراهيم كلمة تطرق فيها الى “أهمية التواصل بين الدولة اللبنانية والمغتربين للتأكيد على وضع إمكانات البعثات بتصرف الجاليات اللبنانية، وفي خدمتها، من دون مقابل”. وشدد على “أهمية تسجيل وقوعات الأحوال الشخصية للبنانيين المتحدرين من أصل لبناني، واستعادة الجنسية حفاظا على الهوية”.
شهاب
وألقت رئيسة الجمعية اللبنانية- الأميركية ساندرا شهاب كلمة قالت فيها: “نحن جمعية غير دينية وغير سياسية، ومهمتنا الأساسية مساعدة الجالية اللبنانية في سان فرانسيسكو ولبنان، وذلك عبر تقديم منح مدرسية وتبرعات للمستشفيات في لبنان وعناية بالمسنين والأطفال اليتامى، وهدفنا هذا العام تأمين التبرعات اللازمة لتحقيق هذا الأمر”.
خوري
كذلك ألقى رئيس الجامعة اللبنانية الثقافية في سان فرانسيسكو خليل خوري كلمة جاء فيها: “نحن نقدر موقف الوزير باسيل الذي يبديه بالنسبة للإغتراب اللبناني وأهميته. هناك 15 مليون لبناني لديهم طاقات هائلة يجب أن يستفيد منها لبنان، نشكر الوزير باسيل على اهتمامه بهذه الطاقات وبزيارته، ونأمل أن يبقى جسرا بين لبنان وبلاد الإغتراب”.
نحال
وكان لكاهن رعية سيدة لبنان المارونية الأب جان نحال كلمة تحدث فيها عن “لبنان المستقل وأهمية البطريركية المارونية باستقلال لبنان تاريخيا، وأهمية رجال السياسة في أن يبقوا لبنان مستقلا وينتخبوا رئيس جمهوريتهم”. ونوه بما تقوم به الجالية اللبنانية “لإبراز أهمية لبنان والحفاظ على التقاليد والعادات”.
تشيرنزيان
من جهته قال كاهن رعية سان غريغوار في سان فرانسيسكو الأب باروير تشيرنزيان التابع للطائفة الارمنية الارثوذكسية في انطلياس، أن “الدولة اللبنانية كانت من بين الدول التي وافقت على استقبال النازحين الأرمن بعد مجزرة العام 1915 التي ارتكبها الأتراك بحقهم. وباتت اليوم الطائفة الارمنية الارثوذكسية تعتبر من بين إحدى الطوائف السبع المهمة في هذا البلد”. ورحب بزيارة باسيل “الذي يقوم بعمل مهم جدا للجالية اللبنانية في سان فرانسيسكو وسائر بلاد الإنتشار”.
رزق
بدوره تحدث مدير مشروع “عيش لبنان” التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي رواد رزق عن أهمية هذا المشروع الذي “يهدف الى ربط اللبنانيين المنتشرين بقراهم، وإشراكهم بالجهود الإنمائية في لبنان”.
شهادات تقدير
في نهاية الحفل، قدم باسيل شهادات تقدير لكل من شهاب، خوري، شبير، نحال، تشيرنزيان ورئيس جمعية “لابنيت” جورج عقيقي، وذلك لمساهمتهم بإنجاح زيارته. كما جرى عرض أفلام عن المشاريع التي أنجزتها الوزارة بشأن المغتربين من “عيش لبنان”، الى “أرزة المغترب”، الى “بيت المغترب اللبناني”، و”صندوق الإستثمار اللبناني”، و”إستثمر لتبق” و”ليبانون كوناكت” وسواها.
“لابنيت”
ثم لبى وزير الخارجية دعوة عقيقي الى مأدبة عشاء شكره خلالها عقيقي على “الجهود التي تقوم بها وزارته لوصل المغتربين ببلدهم الأم”. وقال “إن مؤسسة “لابنيت” لا تبغي الربح، وتعنى بجمع اللبنانيين- الأميركيين المتخصصين بالتكنولوجيا في شمال أميركا. كما أنها تعمل لدعم الشركات الناشئة في لبنان عن طريق تأهيلها وتدريبها من قبل أعضاء المؤسسة”.
“إنفيديا”
وكان باسيل قد استأنف زيارته الى سان فرانسيسكو التي وصل اليها من نيويورك، يرافقه ابراهيم وعدد من أبناء الجالية اللبنانية المعنيين بعالم التكنولوجيا، بزيارة الإدارة العامة العالمية لشركة “إنفيديا” التي تعنى بالتكنولوجيا والتقنيات العالية وبتصنيع الرقاقات والأجهزة الإلكترونية المختلفة التي تستخدم في صناعة السيارات الحديثة ومختلف أنواع الإلكترونيات. وتقع هذه الشركة في منطقة سيليكون فالي التي تستقبل المراكز الرئيسية للشركات العالمية مثل غوغل وفيسبوك وآبيل”.
وحاضر النائب الأعلى لرئيس العمليات العالمية في “إنفيديا” شنكر تريفيدي في حضور باسيل والوفد المرافق، فشرح كيفية استعمال منتجات الشركة في مجالات الألعاب الإلكترونية، النقل، كبار الشركات ومراكز المعلوماتية. وقال إن “منتجات الشركة تقوم على الذكاء الإصطناعي، كما أنها تعمل مع التعليم العالي والأبحاث في التدريب والتطوير والأكاديميات”. وأوضح أن الشركة “تقوم بتطوير المناهج التي هي موضوعة مجانا بمتناول الجميع. كما تعمل على تشجيع الشركات الناشئة من خلال دعمها بالمال بهدف تطوير برامجها في الحوسبة الموازية parallel computing”.
ونوه باسيل بأهمية الشركة وعالميتها، مستفسرا عن إمكانية التعاون بين “إنفيديا” وقطاعات التكنولوجيا والتعليم العالي اللبناني. فأجابه تريفيدي أن “تحقيق هذا الأمر يتطلب مهارات عالية في الرياضيات، وهو أمر متوافر في لبنان، كما أنها تقدم مجانا وموجودة على الإنترنت بمتناول طلاب الجامعات”.
بعد ذلك، قدم باسيل شهادة تقدير لتريفيدي “لمساهمته القيمة في استضافة هذه الزيارة المثمرة لإنفيديا”. ثم جال في أقسام الشركة واطلع من القيمين عليها على أحدث تقنيات الذكاء الإصطناعي وتعميق المعرفة.
نابا فالي
بعد ذلك، توجه باسيل الى منطقة نابا فالي، وهي مركز رئيسي لصناعة النبيذ في الولايات المتحدة، وكان في استقباله عدد من أبناء الجالية المعنيين بصناعة النبيذ في هذه المنطقة، في حضور القيمين على فرع الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم والجمعية اللبنانية- الأميركية في سان فرانسيسكو.