محطات نيوز – عقد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل مؤتمرا صحافيا في مبنى الوزارة، استهله بالقول: “نقف اليوم وقفة حزن امام حادثة الطائرة الجزائرية التي وقعت بالأمس والتي تأكد وجود 19 لبنانيا على متنها، كنا ما زلنا نبحث عن إسمين آخرين وتبين ان الاسم الثالث هو لشخص من الجنسية السورية. ولكن المعلومات المؤكدة تشير الى وجود 19 لبنانيا ضمن لائحة اسماء المسافرين التي حصلنا عليها ساعة الحادثة”.
أضاف: “فور وقوع الحادثة أوفدت وزارة الخارجية، مباشرة السفير اللبناني والقائم بأعمال السفارة الأقرب الى مكان وقوع الحادثة، لاننا في بداية الامر لم نحصل على معلومات مؤكدة حول مكان وقوع الطائرة ان كان في النيجر او في مالي، وايضا قمنا بتشكيل وفد مؤلف من وزارة الخارجية والامن العام والهيئة العليا للاغاثة لكي ينتقلوا بأسرع وقت ممكن الى مكان الحادثة بانتظار تكون المعطيات اللازمة عن مكان وقوع الطائرة، والظروف التي سيعملون فيها. ونحن نتعاون بشكل مباشر ووثيق مع السلطات الفرنسية التي تبدي فعلا كل ما بوسعها لمساعدتنا في كل الأمور اللوجستية اللازمة لان مأساة كبيرة وقعت على لبنان وهناك ضحايا ويجب التعاطي بالشكل الملائم نظرا للظروف الصعبة في تلك المنطقة التي هي منطقة حرب ونزاع كبيرة، اضافة الى ان كل الظروف المحيطة بالحادثة هي صعبة”.
وتابع: “نطلب من الله ان يعطي الصبر لأهالي الضحايا، ويصبر لبنان كله على هذه المأساة التي تستوجب الحداد والحزن، أملا ان نتحمل بعضنا البعض في هذه المرحلة الى حين الانتهاء من كل الاجراءات اللازمة والمطلوبة، وتكون هناك المواكبة التي يستحقها أهالي الضحايا”.
ثم شرح باسيل موقف لبنان المعني مباشرة بالأحداث في غزة والموصل، وقال: “نحن اليوم امام احداث مأساوية تحصل في المنطقة، ما يحصل في غزة والموصل، ولبنان يتأثر بها بشكل مباشر. اولا غزة وفلسطين لانها ام القضايا العربية ولأنها اثرت على لبنان الذي اندلعت الحرب فيه. وما زال الأثر الفلسطيني على لبنان متعدد الاوجه، ومنه إلغاء للهوية والقضية الفلسطينية الذي له الاثر السلبي مباشرة على لبنان، أقله التوطين الفلسطيني في لبنان. لذلك علينا مسؤولية مباشرة للتحرك في هذا الموضوع”.
أضاف: “ثانيا، في ما يتعلق بقضية الموصل، حيث يتم تهديد مجموعات بسبب انتمائها الديني، وهذا ما يناقض النموذج اللبناني ويهدد وجود لبنان بشكل مباشر. وما يحصل في الموصل اثره مباشر على لبنان، خوف واثر نفسي وأثر مادي، لان الجماعات المتطرفة التكفيرية هناك لا تخفي نواياها بالانتقال الى كل ارض ممكن ان تنتقل اليها ومنها لبنان. وإضافة الى كل هذا، هناك رسالة لبنان ودوره التاريخي في الحفاظ على التعايش وتعدد الأديان وايمانه بالقانون الدولي والحفاظ على شرعة حقوق الانسان أينما وجد. ان موقفنا اليوم مبدئي ورسالتنا إنسانية تتخطى اي اعتبار سياسي او ديني، ونحن ملزمون بإطلاق هذا الموقف بغض النظر عن النتائج، لان لبنان يؤمن انه يجب ان يكون هناك قانون دولي يحمي الدول الصغيرة والشعوب ويعطيها حقوقها بالحرية وإمكانية الوجود”.
وتابع: “نحن امام قضيتين متشابهتين، هناك اسرائيل التي لا تعترف بالقانون الدولي وكل جرائمها التي ارتكبتها بحق الدول العربية وبحق فلسطين وما تفعله اليوم بغزة، تقع تحت عنوان جرائم الحرب، وفي المقابل هناك الجماعات التكفيرية التي لا تعترف ليس فقط في القانون الدولي وإنما أيضا في القانون الوضعي، ولديها قوانينها الخاصة، هناك أوجه شبه كبيرة بين الحالتين. اضافة الى الوضع السياسي المستفيد هو واحد لما يحصل في غزة والموصل وهو إلغاء الهوية العربية والمشرقية التي فيها تعدد وتعايش واعتراف بالآخر، وان يحل مكانها هوية يهودية واحدة بكيان يهودي عرقي يستعمل العنف لإلغاء الآخرين، وبالمقابل هوية واحدة، قال عنها المفتي الشعار انها ليست بشرية، وليس لها اي اعتبار ثان، ولا يمكن التعامل معها في ظل تعاملها مع عدم وجود إنسان يحق له الحياة، وبالتالي ان هذين المشروعين يندمجان بآحادية قاتلة وتدمر الاخر وتحول المنطقة الى كيانات تبغي خلق النزاعات المتناقلة”.
وقال باسيل: “على هذا الأساس بادرت الحكومة اللبنانية ولأول مرة، بإجراء استثنائي وهو مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بالتحرك في هاتين القضيتين. نحن امام امر استثنائي وغير عادي، تخطينا فيه كل الاعتبارات وذلك لاستشعارنا بالخطر الكبير من دون تردد، قامت الحكومة بهذا الاقتراح”.
واردف: “نلتقي اليوم بعد أن تمادى العدوان الإسرائيلي في التنكيل بإخوتنا في غزة مرتكبا أبشع وأشنع الجرائم بحق الأبرياء العزل: فلا تمييز بين امرأة ورجل، بين شيوخ شاب شعرهم وأطفال لم يحتفلوا بعيدهم الأول. إنها، وباختصار، جرائم حرب ترتكب يوميا بحق مدنيين. نلتقي اليوم أيضا وقد اجتاحت قوى الظلام التكفيرية مساحات شاسعة من أرض العراق الشقيق وراحت تفتك عنفا وتهجيرا وتصفية وقتلا بأقليات دينية، ذنبها الوحيد أنها وجدت، منذ قرون وألفيات في منطقة عاشت وتطورت على وقع تصالح الأديان وتسامح الإنسان. فجرائم هؤلاء الإرهابيين، مهما تنوعت أصولهم واختلفت جنسياتهم، هي جرائم ضد الإنسانية. ويبادر لبنان إلى رفع الصوت عاليا إيمانا منه بدوره التاريخي وانطلاقا من تمسكه بمواقفه المبدئية المبنية على احترام القوانين والأعراف الدولية وحقوق الإنسان. صرختنا اليوم تعبر عن موقف نسجله للتاريخ وهو موقف مبدئي، بغض النظر عن أبعاده السياسية والقانونية والإنسانية”.
وتابع: “نخاطبكم من لبنان، أرض التنوع ومعقل الأديان السماوية ناقلين رسالة إنسانية، هي رسالتنا في الإنسانية، رسالة بلد ووطن أردناه، وأراده العالم، بلد ووطن الرسالة. لبنان المتميز بفرادته وبحضارته، لبنان المؤمن بمبادىء القانون الدولي، لبنان هذا يخاطبكم، انطلاقا من قناعتنا المترسخة بأن القانون الدولي يحمي الدول الصغيرة”.
وعن مبادرات الحكومة اللبنانية ووزارة الخارجية والمغتربين في ما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي على غزة، قال: “يستمر العدوان الإسرائيلي على غزة منذ 23 يوما دون انقطاع، حيث يضاف إلى الحصار الخانق الذي يتعرض له إخوتنا الفلسطينيون قصف عشوائي طال مباني مدنية ومستشفيات ومدارس، وذهب ضحيته حتى اليوم أكثر من 703 أشخاص، بينهم 68 طفلا. هذه عينة بسيطة من الانتهاكات الصريحة لأحكام القانون الدولي الإنساني. يعتبر لبنان أن كافة أحكام اتفاقيات جنيف هي ملزمة بالكامل للدول الأطراف فيها ولا سيما الاتفاقية الرابعة (12/8/1949) الخاصة بحماية المدنيين في الحروب (The Geneva Convention relative to the Protection of Civilian Persons in Time of War). ويهدف هذا الواجب المبدئي إلى الحفاظ على فعالية القانون الدولي الإنساني وهيبته. يرى العالم بأم العين انتهاكات صارخة لمواد الاتفاقية المختلفة، مثل:
– المادتان 18 و19 بشأن حماية المستشفيات والمنشآت الطبية
– المادتان 24 و50 المعنيتان بحماية الأطفال
– المادة 33 التي تحرم العقاب الجماعي
– المادة 53 التي تحظر تدمير المنشآت العامة غير العسكرية
– المادتان 55 و56 المتعلقتان بضمان النفاذ إلى الإمدادات الغذائية والخدمات الصحية”.
وأشار الى أن “لبنان شارك في الاجتماع الطارىء لوزراء الخارجية الذي دعت إليه جامعة الدول العربية في 15/7/2014 والذي صدر على إثره بيان إدانة للاعتداءات الإجرامية التي تقوم بها القوات الإسرائيلية في غزة.
وقال: “لقد دعمت وزارة الخارجية والمغتربين عبر بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في جنيف عقد دورة استثنائية لمجلس حقوق الإنسان لبحث الأوضاع الجارية في غزة. وقد انعقد الاجتماع بتاريخ 23/7/2014 وقررت الدول الأعضاء تشكيل فريق دولي للتحقيق بالارتكابات الإسرائيلية في غزة، علما بأن المفوض السامي لحقوق الإنسان السيدة Navi Pillay، قد وصفت العدوان الإسرائيلي بأنه يقع في خانة جرائم الحرب”.
أضاف: “تبنى مجلس الوزراء في جلسته بتاريخ 24/7/2014 اقتراح وزارة الخارجية والمغتربين رفع كتاب إلى مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، International Criminal Court السيدة Fatou BENSOUDA، لمطالبتها بالتحرك السريع والفعال، بغية إجراء التحقيق اللازم في كافة الانتهاكات الموثقة للقانون الدولي الإنساني المرتكبة من قبل إسرائيل بحق الفلسطينيين في غزة”.
ولفت الى أن “الآلية المتبعة هي:
1- تحديد طبيعة الجريمة التي تدخل في اختصاص المحكمة (المادة 5)
2- تحديد أركان الجريمة، وهي جريمة حرب (المادة 8)
– انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف (المادة 8، الفقرة 2) عبر:
القتل العمد (المادة 8، الفقرة 2، البند 1)
تعمد إحداث معاناة شديدة (المادة 8، الفقرة 2، البند 3)
•إلحاق تدمير واسع النطاق في الممتلكات (المادة 8، الفقرة 2، البند 4)
– انتهاكات خطيرة أخرى للقوانين والأعراف السارية على المنازعات الدولية المسلحة (المادة 8، الفقرة 8) عبر:
تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين (البند 1)
تعمد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية (البند 2)
تعمد شن هجمات ضد موظفين أو منشآت أو مركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدة الإنسانية (البند 3)
تعمد شن هجوم مع العلم بأنه سيسفر عن خسائر تبعية في الأرواح أو عن إصابات بين المدنيين (البند 4)
مهاجمة أو قصف المدن (البند 5)
تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية أو التعليمية… والمستشفيات (البند 9)
استخدام أسلحة أو قذائف تسبب بطبيعتها أضرارا زائدة (البند 20)
3- ممارسة الاختصاص: وحيث كان المدعي العام قد باشر بتحقيق يتعلق بجريمة الحرب في فلسطين عام 2009، فإن إعادة تحريك التحقيق يدخل ضمن نطاق اختصاص المحكمة وفقا للمادة 13، البند “ج” من نظام روما.
4- التواصل مع المدعي العام لكي يباشر التحقيقات من تلقاء نفسه على أساس المعلومات التي سنزوده بها والموثقة في تقارير المنظمات الدولية ووسائل الإعلام (المادة 15، البند 1 و2)”.
وقال باسيل: “يهمني هنا الإضاءة على السياق التاريخي والقانوني لهذا التحرك:
– عام 2009، إبان العدوان على غزة تقدمت السلطة الفلسطينية بشكوى أمام المحكمة، ردتها الأخيرة في الشكل، لعدم الاختصاص، في نيسان 2012، نظرا لأن فلسطين لا تتمتع بصفة دولة.
– في تشرين الثاني 2012 تم منح فلسطين صفة دولة مراقب في الأمم المتحدة ما يزيل من أمامها العائق الشكلي المذكور ويتيح للمحكمة إمكانية الخوض في جوهر هذه الشكوى، فور إعادة تحريكها.
– تنص المادة 13، الفقرة (ج) على أن للمحكمة أن تمارس اختصاصها (competence) في ما يتعلق بجريمة مشار إليها في المادة 5، “إذا كان المدعي العام قد بدأ بمباشرة تحقيق في ما يتعلق بجريمة من هذه الجرائم وفقا للمادة 15”.
– استند لبنان في كتابه إلى المادة 15 من النظام الأساسي للمحكمة الخاصة بصلاحيات المدعي العام والتي تنص في الفقرة (1) على أن له صلاحية مباشرة التحقيقات من تلقاء نفسه على أساس المعلومات المتعلقة بجرائم تدخل في اختصاص المحكمة، ومنها جريمة الحرب. كما تنص المادة ذاتها على انه يمكن ان ترده المعلومات من دولة طرف او اي جهة او اي مصدر جدي، يمكن للمدعي العام ان يتعاطى مع هذه المعلومات. وبالتالي ان مقولة ان لبنان غير موقع على نظام المحكمة ولا ينتسب اليها، لا يمنع عنه الحق بتقديم طلب من هذا النوع، وهذا الامر واضح في نظام المحكمة”.
أضاف: “بالتالي يأمل لبنان من الرسالة التي وجهها حث المدعي العام على المباشرة في التحقيقات في الاعتداءات الأخيرة على غزة، لا سيما ان فلسطين قد حظيت بصفة دولة لدى الأمم المتحدة وعدد من المنظمات الدولية التابعة لها”.
أما في مبادرات الحكومة اللبنانية ووزارة الخارجية والمغتربين في ما يتعلق بالجرائم المرتكبة في مدينة الموصل وجوارها”، فقال باسيل: “تحوي الموصل 32 كنيسة وديرين تاريخيين، تم تدميرها ونزع الصلبان عنها، وراح المسلحون يؤمون الصلاة من داخلها، وتقلص عدد مسيحيي الموصل خلال الشهر المنصرم من 15 الف شخص إلى أقل من 100 شخص (وهم المرضى والشيوخ العاجزون عن الهرب). وقد أرغم مسلحو “داعش” هؤلاء على اعتناق الإسلام. إنها المرة الأولى منذ ألفي سنة، تخلو مدينة الموصل من سكانها المسيحيين الأصليين (كلدان caldeans وأشوريون assyrians وسريان أرثوذكس وسريان كاثوليك syriac orthodox and syriac catholics، حسب توزيعهم العددي)”.
ورأى ان “ما يعيشه مسيحيو الموصل هو اقتلاع من الجذور وإبادة مبرمجة، علما بأنهم ليسوا طرفا في النزاع القائم وهم لم يصطفوا يوما مع أي من المحاور المتنازعة ولم يحملوا السلاح ولم يشكلوا خطرا على أي جهة”، لافتا الى أن “سهل نينوى قد أضحى آخر معقل لمسيحيي العراق. وهو يمتد على مساحة تراوح بين 3000 و4000 كلم2 ويقطنه حوالي 200 الف مسيحي بالإضافة إلى 600 الف شخص من أقليات دينية مختلفة، نذكر أبرزها: الشبك والصابئة والمندائيين”.
وأوضح “في المبادرة القانونية ذات الصلة التي اتخذتها الحكومة اللبنانية، أن الحكومة قد تبنت في جلستها بتاريخ 24/7/2014 اقتراحا لوزارة الخارجية والمغتربين يقضي بتوجيه رسالة موازية إلى مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية تطالبها بموجبها بالتحرك السريع والفعال للتحقيق في الجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان المرتكبة من قبل تنظيم “داعش” في العراق ولا سيما في مدينة الموصل وسهل نينوى”، مشيرا إلى أن “أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون قد عرف عن هذه الارتكابات بوصفها جرائم ضد الإنسانية.
وأوضح الآلية المتبعة كالاتي:
“1- تحديد طبيعة الجريمة التي تدخل في اختصاص المحكمة (المادة 5)
2- تحديد أركان الجريمة، وهي جريمة ضد الإنسانية (المادة 7)
القتل العمد (البند ا)
إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان (البند د)
اضطهاد أي جماعة محددة أو مجموع محدد من السكان لأسباب سياسية أو عرقية أو قومية أو إثنية أو ثقافية أو دينية (البند ح)
3- ممارسة الاختصاص: نرى بأن يدخل في اختصاص المحكمة التحقيق في الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في الموصل استنادا إلى المادة 12، الفقرة 2، البند ب من نظام روما، والتي تجيز لمحكمة ممارسة اختصاصها إذا كان الشخص المتهم بالجريمة ضد الإنسانية أحد رعايا إحدى الدول الأطراف في نظام روما، وهذا ينطبق على العديد من الإرهابيين المقاتلين في صفوف الجماعات المسلحة في العراق، وأبرزها “داعش” (مثلا رعايا دول أوروبية أو ليبيا أو تونس أو دول إفريقية).
4- التواصل مع المدعي العام لكي يباشر التحقيقات من تلقاء نفسه على أساس المعلومات التي سنزوده بها والموثقة في تقارير المنظمات الدولية ووسائل الإعلام. (المادة 15، البند 1 و2)”.
وقال: “اجتمعنا اليوم بناء على طلب البطاركة والأساقفة للطوائف الأربعة المعنية مباشرة بالموصل، وطلبوا من الدولة اللبنانية ان تقف الى جانبهم في هذه المأساة لان مرجعيتهم هي الدولة اللبنانية والمسيحيين في لبنان لان الدولة العراقية والحكومة العراقية أخفقت في حمايتهم وتأمين ما يتوجب لهم. طبعا ان الدولة اللبنانية لا تستطيع ان تحل مكان احد، انما بإمكانها ان تقف وتساند. ونحن أجرينا العديد من الاتصالات مع وزراء خارجية عرب وأجانب وطلبنا الدعم بإجراءات محددة منها، المساعدة لانعقاد مجلس حقوق الانسان في جنيف لإدانة ما يحصل في الموصل. ثانيا: مساعدة الديبلوماسية اللبنانية مع كل الدول المعنية لعقد اجتماع استثنائي للدول الموقعة على معاهدة جنيف سنة 1949 لحماية المدنيين خلال النزاعات. بات من الضروري أن يكون للقانون الجنائي الدولي الآليات الكفيلة بالتصدي للجرائم المرتكبة من قبل تنظيمات إرهابية عابرة لحدود الدول والقاتل للبشر. نحن سنقف الى جانب جميع المظلومين أكانوا اخوة لنا في غزة ام في الموصل، مسيحيين ام أي اخوة آخرين غير مسيحيين يتم اقتلاعهم من ارضهم”.
وختم: “أخيرا يهمني أن أؤكد أن هذه المساعي والمبادرات التي اتخذناها تستند إلى إيماننا بدور لبنان التاريخي ورسالته الإنسانية القائمة على تعايش الحضارات والأديان، حيث أن لبنان لا يستطيع أن يقف مكتوف الأيدي أمام هذه الفظائع والجرائم التي باتت تهدد السلم والأمن والاستقرار في المنطقة بأكملها، واستتباعا السلم الأهلي في لبنان”.
حوار
ثم رد باسيل على اسئلة الصحافيين، فنفى ردا على سؤال ان “يترتب على لبنان اي متوجبات مالية اثناء القيام بالتحقيق من قبل المحكمة النيابية الدولية”.
سئل: البطريرك الراعي دعا الى حوار مع داعش، كيف يقوم حوار مع مثل هذه المجموعة؟
اجاب: “سأعود الى كلام مفتي طرابلس والشمال مالك الشعار الذي قال الاثنين الماضي ان هؤلاء ليسوا فقط غير مسلمين او غير سنة بل هم ليسوا بشرا ولا ينتمون الى اي منظومة انسانية. ونتمنى على كل انسان ان يتحول وينتمي الى هذه المنظومة لكي نستطيع العيش معه”.
وقال ردا على سؤال عن الطائرة: “تم تحديد موقعها وأحرز تقدم أبعد من ذلك، فقد تم العثور على آثار كثيرة انما اتمنى على الاعلام اللبناني ان يتعاطى مع مثل هذا الموضوع المؤلم بشكل يراعي مشاعر الاهالي. من هذا المنطلق حرصنا على الا نعلن اسماء قبل ان الاعلان رسميا عن اوضاع الركاب، حتى ان الدولة اللبنانية ستراعي كل هذه الامور لدى اتخاذ اي اجراء، من حداد او غيره، وفقا للاصول وانا على يقين ان الرئيس تمام سلام متنبه لكل هذه الامور”.
أضاف: “نعمل في منطقة صعبة جدا وبامكانات ضئيلة بمساعدة ومساندة كل الدول، وتنتظرنا ايام صعبة حتى نستطيع لملمة المآسي المتأتية من هذه الكارثة”.
وعما اذا كان وفد البطريرك والمطارنة قد طالبوا سفراء الدول الكبرى بتدخل عسكري في العراق، قال باسيل: “إذا افترضنا ان هناك اعتبارات سياسية تقف ضد اعلاء الصوت حيال العدوان على غزة، فما الاعتبارات التي تمنع تحركا جديا في مواجهة ما يحصل في الموصل؟”.
أضاف: “لقد طالب البطريرك والمطارنة بأكثر من الحماية، كما بوقف التسليح والتمويل لهذه المجموعات واستغربوا كيف ان دول العالم لا تستطيع ان توقف داعش عن تدحرجها من مدينة الى اخرى ومن قرية الى اخرى. وأقل ما يمكن المطالبة به هو تأمين الحماية الدولية ووقف التدحرج الداعشي وما نفعله اليوم هو المطالبة بتحرك قانوني دولي للمعاقبة. ليس هناك حاجة للتحقيق بل المطلوب الاجراء العقابي اللازم، واذا كنا نؤمن بالمحاكم الدولية وبالاجراءات التي يمكن ان تتخذها في هذا الاطار، الكل مهدد والكل مسؤول بدءا بالعراق كدولة ومرورا بكل الدول المحيطة وصولا الى الدول الابعد وانتهاء بالدول الاعضاء في مجلس الامن الدولي”.
سئل: هل هناك نية من اي دولة لتسليح الاقليات في العراق في مواجهة داعش؟
اجاب: “لا اعتقد ان لبنان معني بتسليح اي جماعات موجودة خارج ارضه او داخلها، بل اننا نطالب بمحاربة الارهاب من قبل القوى الامنية الشرعية في كل دولة، لذا ندعو الى تسليح الجيش اللبناني وتعزيز امكانياته وهذا ما ينطبق على كل الدول والانظمة التي تحارب الارهاب. ومن غير المسموح تحت اي مقولة، ان نذهب الى التفافات وشعارات اخرى لتبرير وجود داعش واعمالها، ونشكر الله على وجود وعي سياسي كبير في قلب الحكومة في لبنان ومن قبل الافرقاء المشكلة للحكومة للتصدي لهذه الحركات وهذا ما يدل على منسوب عال من الوعي. ونأمل ان ينسحب ذلك على كل الدول”.
أضاف: “الاهم ان هناك مسؤولية مباشرة على الدول الصامتة، وفي الاتصالات التي سأواصلها لن أترك اي وزير خارجية معني دون الاتصال به وتذكيره بواجبنا جميعا للتحرك حيال ما يحدث لاننا كلنا مهددون ومعنيون، حتى ان لبنان غير المنتمي للمحكمة الجنائية الدولية لاسباب سياسية وداخلية تخطى كل ذلك وقام بالمراجعة استشعارا بالخطر، ومن غير المقبول من اي دولة لا تقوم بالمراجعة ان تعود وتقول لنا انها تقدم المساعدات المالية لهؤلاء لانهم بحاجة الى مساعدة لبقائهم احياء وسندل على كل دولة تتخلف عن الدفاع عن حقوق الانسان”.
وختم: “هناك تعاطف كلامي كبير من الوزراء الذين اتصل بهم، ويبقى ان نشهد الافعال”.
