محطات نيوز – القى وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل كلمة لبنان في الدورة السادسة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي – الصيني الذي افتتح اعماله اليوم في قصر المؤتمرات في بكين، بحضور الرئيس الصيني شين جين بينغ ورئيس الوزراء الكويتي الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح، الامين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي ووزراء خارجية عدد من الدول العربية.
استهل باسيل كلمته بالقول “بعد الشكر الكبير لجمهورية الصين الشعبية على الاستضافة والتنظيم والإعداد لهذا الاجتماع بالتنسيق مع جامعة الدول العربية، أقول إننا نشهد اليوم مضي عشر سنوات على إنشاء منتدى التعاون العربي الصيني الذي يضعنا معا، صينيين وعربا في مشروع يربط بين شعبين وأرضين وحضارتين”.
وسأل: “هل بإمكاننا أن نكون، كمسؤولين، على مستوى هذا المشروع الرابط وهذا التحدي؟ فالأرقام التي سمعناها اليوم عن تبادل تجاري بحجم 240 مليار دولار أميركي وإستثمار صيني في منطقتنا العربية بحجم 2,2 مليار دولار، يعنيان، إقتصاديا اننا نتكئ على معطيات مقبولة ولكنها غير كافية في محطتنا العاشرة.
اضاف: “أما الأرقام التي أعلن الرئيس الصيني شين جين بينغ عن عزم الصين الوصول إليها خلال المحطة العاشرة الثانية من 600 مليار دولار كتبادل تجاري و60 مليار دولار كاستثمار في المنطقة، فهي واعدة وتعني أن الصين مصممة، وهذا ما يعطينا كبير الأمل”.
ورأى ان “الأمل بالنجاح يرتكز أيضا على عوامل متوفرة لدى الكتلتين البشريتين وطاقاتهما الكبيرة استهلاكا وإنتاجا وإبداعا، ومتوفرة أيضا لدى الموقعين الجغرافيين المتميزين (واحد يربط الشرق بالغرب وآخر يشكل نقطة الارتكاز في الشرق) ومتوفرة كذلك لدى الحضارتين المتنوعتين دينا وثقافة ولغة. والأمل بالنجاح يمكن تعزيزه أكثر إذا ما اتبعنا نحن، كعرب، المنهجية والإنتاجية بالقدر المتبع لدى المجتمع الصيني والذي عبر عنه رئيسه اليوم. وإذا ما انفتحت الصين على مجتمعنا العربي أكثر ثقافة وسياحة واستثمارا، ولبنان في هذين الاتجاهين قادر على المساهمة مساهمة كبيرة وفعالة”.
اضاف باسيل: “ان لبنان لديه ثروات عديدة منها الطبيعية كالغاز والمياه، ومنها الحضارية، حيث حضارته تراكمت حضارات وأديانا وثقافات، وأهمها البشرية، المقيمة والمنتشرة في كل أنحاء العالم. فالإنسان اللبناني يملك ما تعرفون من طاقات عديدة فكرية وإبداعية، علمية وثقافية، دينية ودنيوية، لغوية وتواصلية. وهذا الإنسان اللبناني الذي نجح في كل مجتمعات العالم، بإمكانه أن يكون مفتاح النجاح لهذا المشروع العربي – الصيني المشترك وبإمكانه أن يكون العمود الفقري لمشروع الـ6000 كادر عربي مدرب على تسويق وتفعيل هذا المشروع، فيكون أساسا لإنسان عربي أصيل ومتجدد ومطعم بالمنهجية والانتاجية الصينية اللتين معهما يتطور مجتمعنا العربي ويتكامل أكثر مع المجتمع الصيني”.
ولفت الى “وجود أساس متين لما أتكلم عنه ما بين الصين ولبنان، فقد شهدت علاقاتنا الاقتصادية والتجارية نموا ملموسا وأصبحت الصين منذ العام الماضي، الشريك التجاري الأول للبنان وهي مقبلة على تطور أكبر مع تضاعف إمكانيات لبنان في العقد المقبل بسبب ما تم اكتشافه من ثروات غازية في أرضه ومياهه لن يستطيع أحد منع لبنان من استخراجها ودخوله شريكا في اللعبة النفطية الدولية إضافة إلى الاستثمارات الكبيرة التي أعدها لبنان في مجالات معامل الكهرباء وسدود المياه وخطوط الغاز ومحطات التكرير والتخزين والتوريد للنفط، ناهيك عن القدرات اللبنانية الفريدة والنوعية زراعيا وخدماتيا وتقنيا”، معتبرا ان “إن الخلل التجاري القائم ما بين لبنان والصين والبالغ 3 مليار دولار أميركي في السنة، يمكن تصحيحه جزئيا من خلال قيام استثمارات صينية في لبنان على صعيدالاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والمواصلات مثلا ومن خلال تسهيل وزيادة الصادرات اللبنانية إلى الصين كالنبيذ وزيت الزيتون والعسل، ومن خلال الاستعانة بالقدرات الخدماتية اللبنانية في مجالات الإعلام والإعلان وتصميم الأزياء وفي قطاعات المصارف والمطاعم والفنادق والطب والتعليم”.
وتابع: “الأساسات الفعلية إذا موجودة لوجود منتدانا ولنجاح أعماله، إلا أن هناك معوقات حقيقية في وجه تقدمنا وهي تصيب منطقتنا العربية عامة وبلدنا الصغير لبنان خاصة، وإذا كنا نعرضها عليكم سريعا فهو بهدف تفهم بلدكم الكبير، الصين، ومساعدتنا على تخطيها وهي:
1 – الإرهاب: وهو أصبح معولما يضرب الإنسان الآخر، إن اختلف عن الإرهابي فكرا أو عقيدة أو حتى شكلا، يضربه من أقاصي كسينجيانغ في الصين إلى ضواحي بيروت. إن النموذج اللبناني هو نقيض الفكر الظلامي والنهج الهمجي للارهاب هو نقيض النمط المنهجي الصيني. من هنا فإن للبنان دور محوري في مكافحة الإرهاب وللصين دور أساسي في مساعدة لبنان على ذلك، والفرصة الآن متاحة لتقديم هذه المساعدة في المؤتمر الدولي في روما في 17 حزيران القادم والمخصص لمساندة الجيش اللبناني وهي المؤسسة الوطنية الأم التي تجمع كل اللبنانيين وتحارب الإرهاب باسمهم وباسم العرب”.
2 -الأزمة السورية:التي حاول لبنان تحييد نفسه عنها ولم يستطع خاصة أن يحيد نفسه عن تداعيات قضية النزوح السوري ففتح أبوابه للنازحين الذين زاد عددهم عن ثلث سكانه، وكأني أقول لكم، لا سمح الله، أن 400 مليون هندي أتوا إليكم في خلال ثلاث سنوات ليتشاركوا معكم الأرض والموارد والإمكانيات. وعليه أصبح لبنان مهددا بكيانه ووجوده، وكانت الحكومة ملزمة أخيرا أن تتخذ قرارات تتعلق بوضع حد لتدفق النازحين أولا عبر وقف استقبال أي نازح مزعوم من مناطق غير ملتهبة عسكريا وقريبة من الحدود جغرافيا، وثانيا عبر إنقاص أعداد النازحين الموجودين من خلال إسقاط صفة النازح عمن لا تتوفر فيه الشروط والمواصفات المتعارف عليها، وثالثا عبر السعي لإنشاء تجمعات سكنية داخل سوريا أو في المناطق العازلة بين حدود لبنان وسوريا تكون آمنة ومخصصة للنازحين الذين لا يمكنهم العودة فورا إلى بلادهم. وإننا هنا نطلب مساعدتكم السياسية أولا والمادية ثانيا، من أجل إقناع كافة الأطراف المعنية بضرورة خلق ظروف نجاح هذه الخطوات إنقاذا للبنان من الانهيار الكامل.
3 – القضية الفلسطينية: وهي القضية العربية الأم التي لا يجوز القبول بحلول لها تكون أقل من القرارات الدولية والمبادرة العربية، خاصة بما يتعلق بموضوع اللاجئين الفلسطينيين الذين يرفض لبنان توطينهم على أرضه رفضا نهائيا، وهي قضية حق للفلسطينيين وقضية دستور وميثاق بالنسبة للبنانيين الذين لهم القدرة على تعطيل أي حل منقوص في هذا المجال والذين لن ينال من عزمهم على رفض التوطين أي نص منقوص آمل أن يتجنبه أي اجتماع عربي – عربي أو عربي – أجنبي”.
اضاف باسيل: “يعيش لبنان اليوم حالة استثنائية من خلال الشغور الرئاسي نعمل لأن تكون قصيرة جدا ونعمل لإنهائها بروح من الدستور والميثاق والوفاق بين اللبنانيين، فيكون للبنان رئيس قوي ميثاقي تقوى به المؤسسات، ويقوى هو بها، إلا أن هذه الحالة لن تؤثر على الاستقرار والأمان اللذين أردناهما واللذين نصر عليهما سبيلا لقدومكم إلى لبنان سياحة واستثمارا”.
وختم داعيا الى “السير على خطى الحضارات وعلى درب من سبقنا في رسم طريق الحرير فننطلق من بيجينغ نحو الشرق ونلتقي على أرض لبنان لنعيد إحياء ما عرفه هذا المسار من ازدهار، ونغني علاقاتنا الاقتصادية بثروة ثقافية حضارية إنسانية، أغنى مما عرفته طرقات الرحل في التاريخ.”
وكان لباسيل على هامش المنتدى لقاءات عدة جمعته مع عدد من نظرائه كما كان شارك صباحا في الجلسة الافتتاحية للمنتدى والتي تحدث فيها الرئيس الصيني شين جين بينغ الذي قال: “ان المنتدى اصبح اطارا فعالا لتعزيز التعاون العملي بين الصين والدول العربية، معولا على النتائج الايجابية التي سيخلقها احياء طريق الحرير”.
واطلق جين بينغ الحزام الاقتصادي لطريق الحرير لافتا الى ان “اعادة احياء روح هذه الطريق تهدف الى الالتزام بمبدأ التباحث والمشاركة على اساس المصلحة المشتركة وهذا يتطلب تشكيل اطار التعاون لا سيما في مجال الطاقة وصناعة النفط والبنى التحتية والتجارة لجهة استيراد المزيد من المنتجات النفطية وزيادة التبادل التجاري الصيني -العربي”
وحول الازمة السورية، اعرب الرئيس الصيني عن دعم بلاده “للتنفيذ السريع لجنيف 1 وايلائها الاهتمام الكبير لوضع النازحين السوريين”، معلنا عن “زيادة المساعدات الصينية لهؤلاء في لبنان والاردن”.
من جهته القى الشيخ جابر مبارك الصباح كلمة قال فيها: “ان الكويت سوف تبذل كافة الجهود لايجاد حل سلمي للازمة السورية”. واكد “المو قف الداعم لسيادة الصين ووحدة اراضيها ورفض قيام قوى التطرف الديني بأعمال انفصالية معادية للصين”.
كما القى رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري العربي وزير الشؤون الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار كلمة قال فيها ان “منطقة الشرق الاوسط لن تعرف السلام الا من خلال تسوية شاملة ودائمة للقضية الفلسطينية”.
واختتمت الجلسة الافتتاحية بكلمة نبيل العربي الذي رأى ان “عملية السلام في الشرق الاوسط تشهد جمودا غير مسبوق”، ودعا الى “العمل على اصدار قرار من مجلس الامن يقضي بوقف حمام الدم والقتل والدمار في سوريا”، وتمنى على الصين “دعم هذا القرار في مجلس الامن الدولي”.
وسبق الجلسة الافتتاحية اجتماع ضم الرئيس الصيني والشيخ الصباح والوزراء العرب وشارك فيه الوزير باسيل، واكد خلاله الرئيس جين بينغ “ضرورة التعاون السياسي بين الجانبين الصيني والعربي”.
