رادار نيوز-
يذهب لبنان اليوم الى مفاوضات تحديد الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة في مقر قيادة القوات الدولية في الناقورة، بوفد عسكري وتقني، غابت عنه الصبغة السياسية، تجنبأ لمنزلقٍ يريده الكيان الاسرائيلي. لكن تعديل الوفد يبقى وارداً حسب مسار المفاوضات وما يجنيه لبنان منها لمصلحته من مكاسب، حسبما يقول وزير الخارجية شربل وهبه.
لم تكن رحلة المفاوضات سهلة ومُريحة، وهي بدأت كما قال الرئيس نبيه بري قبل عشر سنوات، لكن بعض تفاصيلها لم يكن معلوماً، ولم تكن معروفة المراجع والجهات التي استعان بها الرئيس بري طيلة السنوات العشر، قبل التوصل الى إطار المفاوضات وتسليم الدفة الى رئيس الجمهورية.
وفي هذا السياق، يكشف الوزير وهبه ل ليبانون فايلز، ان الرئيس بري طلب عام 2010 منه عندما كان سفيراً للبنان في فنزويلا، التواصل مع الخبير في قانون البحار النائب الفنزويلي اللبناني الاصل خلدون نويهض، وهو كان معروفاً بخبرته الواسعة في هذا المجال، من اجل أخذ رأيه في ما يمكن ان تكون عليه المفاوضات لتحصيل حقوق لبنان البحرية، واقترح نويهض وقتها العودة الى مطالعة القاضي في محكمة العدل الدولية في لاهاي اللبناني فؤاد عمّون، والتي طرح فيها الحل للخلاف البحري الذي كان قائماً في الستينيات بين المانيا وهولندا والدانمارك، واقنعت مطالعته الاعضاء التسعة الباقين في المحكمة، وتم حل الخلاف البحري بين الدول الثلاث. وقد ارسل السفير وهبه وقتها رسالة بما اقترحه نويهض وفق مطالعة عمّون للحل ولم يُعرف مصيرها وهل تم الاعتماد عليها في تحضيرات لبنان لإسترجاع حقوقه.
ويضيف الوزير وهبه: كما ان الجيش اللبناني أعدّ خرائطه حول الحدود البحرية بالاعتماد على الطرق العلمية القانونية والدولية المستندة الى شرعة الامم المتحدة وقانون البحار، التي تقوم عليها المفاوضات بين الدول، اضافة الى قانون او سياسة حسن الجوار، وبما انه لا حسن جوار بين لبنان والكيان الاسرائيلي، كانت الاستعانة بالجانب الاميركي ليلعب هذا الدور، برغم معرفة لبنان المسبقة بإنحياز اميركا الى جانب اسرائيل، لكن ما يكبّلها في هذه المفاوضات انها تلعب دور الوسيط والمراقب النزيه ولا يمكنها التلاعب بحقوق لبنان.
ويؤكد الوزير وهبه ان لبنان يحتاج في هذه المفاوضات الى الصبر، وعدم استفزاز اميركا، كما انه يجب ألاّ ينجرّ الى استفزاز الاسرائيلي له خلال المفاوضات، وهنا يأتي دور الخبراء في الرد الموضوعي الهادىء على كل ما يطرحه الكيان الاسرائيلي.
ويشير في هذا السياق، الى تسريب الاقتراحات التي طُرِحت قبل تشكيل الوفد، بأن يضم مستشارين سياسيين او دبلوماسيين، ويقول: لكن القرار انتهى الاسبوع الماضي الى الإبقاء على الصفة التقنية والعسكرية للوفد، وان تعديل تركيبة الوفد اللبناني ممكن في حال تطورت المفاوضات الى ما يُرضي لبنان ولا يزعج اميركا، ليتلاءم مع التطورات الحاصلة، لكن ضمن مسار التفاوض التقني والقانوني وليس السياسي.
ويؤكد وزير الخارجية هنا على اهمية السرية في كل مسار المفاوضات وعدم كشف اي توجه لدى لبنان، حتى لا نعطي العدو الاسرائيلي اوراق قوة في التفاوض. ويرى انه كان من الخطأ الكشف عن طبيعة الوفد قبل تشكيله والكلام عن انه سيضم سياسيين ودبلوماسيين، لأن اسرائيل تلقفت هذه التسريبات واستخدمتها في تشكل وفدها الذي يضم مستشارَين اثنين لرئيس الحكومة ولوزير الطاقة.
كما يرى، ان إطلاق الرئيس بري لإطار المفاوضات الان في هذا التوقيت السياسي، جاء بعد فشل مبادرة الرئيس الفرنسي ماكرون في تشكيل حكومة بالمواصفات التي حددها، ولإمتصاص وتنفيس التوجه الاميركي بفرض مزيد من العقوبات، بعد استهداف بري شخصياً بعقوبات على النائب علي حسن خليل والوزير السابق يوسف فنيانوس. ولكن جاء إطلاق إطار المفاوضات بمثابة شيك لبناني لحساب اميركا مؤجل الدفع حتى وصول المفاوضات الى نتائج ملموسة.
لكن الوزير وهبه يؤكد ان لبنان اصبح اكثر شراسة في المفاوضات وفي التعامل مع الكيان الاسرائيلي، بعد كلام وزير الطاقة الاسرائيلي عن “حاجة لبنان الى التفاوض ما يجعله في موقع ضعف”. ويقول: ان لبنان بسبب وضعه الاقتصادي المنهار ليس لديه شيء ليخسره، لذلك سيكون شرساً في المفاوضات بخلاف اسرائيل القلقة والمستعجلة، وبرغم كل الضغوط السياسية والاقتصادية والمالية المفروضة عليه، وهي تقع في سياق “الحرب الناعمة” او حرب الجيل الرابع التي لا تعتمد على السلاح، بل على وضع البلد المعني في حالة انهيار اقتصادي ومالي لتطويعه كما يحصل الآن مع لبنان.