للأشتراك بخدمة الخبر العاجل عبر واتساب
رادار نيوز- نستذكر جميعاً اتفاق الـ “سين – سين”، تلك التجربة غير المشجّعة التي حاكت فرنسا بعض “قُطبها” المخفيّة، فخسر اللبنانيون المعارضون لدمشق يومها، أبرز عناوينهم السياسية، فأتى الانفتاح على سوريا مدمّراً على “ثورة الأرز” وقادتها. تلك الخسارة أسهمت في إنهاء حقبة جميلة من تاريخ لبنان. لم تمرّ أسابيع قليلة على تلك المبادرة وعلى ذلك الإتفاق الذي أطلق عليه تسمية “سين – سين” نسبة إلى السعودية وسوريا، حتى انقلب النظام السوري على الإتفاق. فأطيح بحكومة الحريري بفعل تحوّل في التوازنات، ليثبت الأسد مجدداً أنه إلى جانب إيران أكثر منه إلى جانب العرب.
على صعيد آخر، أسّست تلك الحادثة الى اظهار ايران بصورة المسيطر القوي القابض على مفاصل السلطة في لبنان، مبادرة الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون لا يمكن وضعها إلّا في سياق تقزيم العقوبات المفروضة على لبنان من خلال ايهام الرأي العام العالمي بأنّ الامور تسير على ما يرام في لبنان، في حين ينحني الحزب امام عاصفة العقوبات الدولية لتمريرها، ومن بعد هدوء الاعصار يعود الحزب لفرض شروطه على الداخل اللبناني.
في لبنان تلقفت المنظومة الحاكمة المبادرة الفرنسية بكثير من اللهفة، الرئيس الفرنسي حقنهم بجرعة اوكسجين ابقتهم على قيد الحياة، وجرعة مورفين منعتهم من تحسس آلام الشعب اللبناني وصوته، وجرعة مضاد للالتهاب من خلال اجراء بعض الاصلاحات، وفي العمق الزيارة الفرنسية لا يمكن “تقريشها” دوليا، دول الخليج لن تهدأ قبل بتر ايادي ايران في المنطقة، الدولارات الاميركية لن تجد طريقها الى لبنان والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي ستجد اسباباً عديدة تؤدي لتعثرها، شركات التنقيب عن الغاز خرجت من المياه الاقليمية اللبنانية ولن تعود قبل توقيع معاهدة سلام مع اسرائيل وتسليم سلاح حزب الله.
لوان ماكرون متمسك فعلاً بقيم الثورة الفرنسية لما استغل التفويض الاميركي الممنوح له للاحتيال على السياسة الدولية، ولوقف الى جانب المجتمع الدولي لاعادة لبنان الى موقعه الطبيعي، فلبنان اليوم اشبه بقندهار منه الى وطن الرسالة ومساحة عبور بين الشرق والغرب، على العموم التفويض الاميركي سيسحب قبل 15 ايلول وسيعود الاميركي اللاعب الاساسي والوحيد بوجه ايران على الساحة اللبنانية.
مشاعر المنظومة الحاكمة تجاه ماكرون لا قيمة لها اليوم خصوصاً ان علاقات فرنسا واتصالاتها فشلت في تأمين مبلغ 300 مليون يورو لاعادة اعمار ما دمره انفجار المرفأ والذي قدر حجم اضراره بـ 6 مليار دولار، وفرنسا وعظمتها فشلت في توفير وديعة مصرفية لمصرف لبنان ترفع حجم كتلة العملات الصعبة في خزينته والتي اضحت سراب.
من يريد مساعدة لبنان اليوم يتمسك بمبادىْ الثورة الفرنسية ولا يسمح ان يذهب دم كل من استشهد منذ خروج الجيش السوري من لبنان حتى اليوم سدى، سيد ماكرون وكأنك لم تأت ولم نسمع من حضرتك شيئاً، لا في السياسة اصبت الهدف، ولا زيارة السيدة فيروز وغرس شجرة ارز في جاج يؤمنان لنا العيش الكريم…