لم يبقَ من لبنان ما يأكله الجراد – راشد الصمد
نشرت بواسطة: Imad Jambeih
في قالوا
الإثنين, 15 يونيو 2020, 7:57
27 زيارة
محطات نيوز – راشد الصمد
لبنان، ذلك الوطن الذي تكاد ان تراه على خريطة العالم، حيَّر هذا العالم، بأسره، وكان على مرّ التاريخ محطَّ أنظار الأمم والحضارات بدءا من أجدادنا الفينيقيين مرورا بأميره فخر الدين وإلى يومنا هذا. ولكن هذه الحيرة اختلفت عما كانت عليه فيما قبل التاريخ حيث كان لبنان بالفعل صلة وصل الشرق والغرب ومولد العباقرة والادمغة والتجار والشعراء الذين تجدُ لهم لمساتٍ في كل نهضة أو ثورة أو ابتكار. كان محيِّرا الدول الكبرى من ناحية صغر حجمه و عظامة فعله.
أما اليوم، فأصبح العالم يُقيمُ لذاك لبنان محافل دولية لبحث قضاياه العالقة ولوضع خطة إنقاذية بعد أن سرقته سلطته الذي لطالما حارب فخر الدين الدولة العثمانية برمّتها وتوفي من أجل هذه السلطة.. سُرِق لبنان لا بل نُهب، قتلوه وقطَّعوه ولم يستحيوا فقدموه إربًا على مآدب المحافل الدولية. حرقوه و”موتوه” وكسروا أياديهم الجشعة والمغمّسة بدماء وعرق الشعب اللبناني وشحدوا عليه. وهذا الشعب الذي سمح بإبادة وطنه على مرأى عينه، كان ساكتا على مرّ سنين وعقود ولم يُحَرِّك ساكنا بل كان في كل مرة يقتنع من جديد بأكاذيب الكذابين و يُصدِّقهم وعلاوة على ذلك، وصلْنا إلى وصلنا إليه اليوم. في كلِّ يوم فضيحة جديدة، تنكشف وينكشف معها مدى عدم حسهم للمسؤولية وتحملهم لها، وإذ أردنا أن نعدِّد هذه الفضائح وتلك لما أحصيناها. ومع كل فضيحة تنكشف ملفاتها، تعود لتُقفل هذه الملفات بدون حسيب ولا رقيب، ممنين الشعب اللبناني بكلمات اقتصادية لا يفهمها غالبية الشعب وفي الوقت عينه تُعبِّر هذه الكلمات عن مدى جهلهم وترسمُ صورة بلهاء لهم. وكل فضيحة تنكشف، يتبين أن هذه الفضيحة انكشفت لتغطي فضيحة أكبر لتبقى بعيدة عن مسمع المواطن. هي الحال التي لطالما رضي بها الشعب واقتنع. هي الحال التي لطالما سكت عنها الشعب اللبناني وخنع. كيف لنواب وأحزاب أن يعطلوا انتخابات رئاسية لمدة ثلاث سنوات وبأي حق؟ ألم يعلموا أن المناصب الثلاث الأساسية أصبحت فخرية؟ وما يزيد المشهد فكاهة وبكاء أنهم هم أحزاب السلطة والفساد ويريدون محاربة السلطة نفسها والفساد الذي هو فسادهم. كيف لإنتخابات تُجرى تحت مسمى “النسبية” ولكنها خليطُ من الأكثرية والنسبية والحزبية والطائفية، أليس من الأجدى أن نقول وأن نسميه “القانون الإنتخابي الخاص بلبنان”! كيف لبلد أن يظلَّ على قيد الحياة بدون حكومة لمدّة تسعة أشهر تحت مبرر “التمثيل الطائفي” والوحدة الوطنية في اجتماعات مجلس الوزراء وهذه الوحدة الوطنية تبينت معالمها بعد حادثة “قبرشمون” وانقشعت الرؤية حول مدى تماسك الحكومة الهش. والذي لا يصدق أننا بقينا خمسة عشر عاما بدون موازنة، نصرفُ من دون ان نحسب ماذا نصرف ومن دون أن نعرف ماذا نُدَخِّل ؟!و أغرب ما في الأمر أن أغلبية رجال الساسة هم رجال أعمال وأصحاب شركات واستثمارات؟ هل سقط ذلك سهوا على مدى خمسة عشر عاما أو قصدوا ذلك ؟ هل نسيتم أو تناسيتم؟ هذا ليس فقط عيبا وحراما بل عارًا على دولة ديمقراطية أو أقله دولة عادية مرتكزة على مرتكزات ثلاث :الارض و”الشعب” والسلطة. لا نريدكم، هي الكلمة التي يرددها المواطن بغصة وحرقة قلب. فهذا المواطن لايريدكم فعلا ولم يكن يريدكم يوما بعد أن فقرتموه وشرَّدتموه أو تلك الأم التي لم تعدْ تحتمل النظر الى وجوههم التافهة أو حتى مجرد سماع صوتكم فلقد غرّبتم أولادها أو بسببكم تيتَّم طفالها.
وما يزيد “الطين بلة” أنهم لا يعترفون بخباصاتهم ولا بسرقاتهم بل يقولون: أن أهل السياسة يُضحُّون من أجل لبنان في حين أن السياسيين لم يقدموا خيرا واحدا للبنان وشعبه. لا نريدكم لأنكم تكذبون… لا نريدكم لأنكم تحتالون… من يسرق يوميا من وزارة الإتصالات الملايين والإرسال يُنازع؟!!!. من ينهب في وزارة الكهرباء المليارات والكهرباء مقطوعة؟!!.. من يلهثُ الأموال من وزارة الصحة التعليم الأشغال والسياسة الصناعة !!؟ من يجمع ويطرح ويضرب ويقسم ويحلِّل في وزارة المالية ومصرف لبنان؟ كيف نثق وبمن نثق؟ كيف نخنع ونسكت ولم نثر؟ لم يبقَ من لبنان ما يأكله الجراد، يساومون علينا، نحن البشر وعلى صحتنا وتعليمنا وأعمالنا. يساومون علينا من أجل بقاءهم في سلطتهم. باختصار يضحّون بنا من أجل أن يبقوا وباختصارأكبر أننا أمة ضحكَـت من جهلها الأمم.
2020-06-15