ما تحت السجادة!!! – حبيب يونس

محطات نيوز – يشبه نشوء الحركات التكفيرية الإرهابية ونموها وتطورها واتساع نطاقها وتأثيراتها، متوجة اليوم بالداعشية، خصوصًا على الوضع في لبنان، ما تدأب نسوة، رباتُ بيوت، على فعله أحيانًا، وهن يرتِّبن منازلهن، أو ينظفنها.

تكون المرأة قد تعبت من “العزيل” وحين تهم بأخذ قسط من الراحة، تلحظ على الأرض “وسخة”، فلا تتوانى عن حدفها برجلها تحت السجادة… ولا مين شاف ولا مين دري.

حتى إذا حان وقت “العزيل” الشامل، ورُفعت السجادة، ظهر تحتها جبل نفايات، أين منه مكب النورماندي أو برج حمود أو صيدا؟

منذ “الوسخة” الأولى، في جرود الضنية، عام 2000 ومعظم أرباب البيت اللبناني، وجلهم رجال، يحدفون الأزمات تحت السجادة، لأنهم لم يتمتعوا يومًا بالرؤية، ولا عرفنا عنهم حكمة وحسن تدبير، وقد تربوا على منطق التسويات و”بالتي هي أحسن”، وعاشوا طويلًا على المماحكات والنكايات وتبادل الخدمات، وسحبوا معادلة 6 و6 مكرر على كل أمر يأتونه في الحياة، وتفننوا كل مرة في إيجاد الأعذار لتقصيرهم وسوء تصرفهم، وباتوا من أهل “المفعول به”، من دون أن يتأذوا هم شخصيًّا في مصالحهم، ونسوا أن الحاكم يجب أن يكون من أهل “الفاعل” المرفوع بالنبل الظاهر على أفعاله. فلا كان منهم رجال دولة على قدر الأزمات الخطيرة والكثيرة التي ابتلي بها لبنان، وما عرفناهم إلا أشباه رجال.

وكرت سبحة “الوسخات” الإرهابية على هذا الوطن، إما من داخله، وإما من تأثيرات الخارج. وعلى سبيل المثال، لا الحصر، وبعد جرود الضنية، اتخذت منظمات فلسطينية خصوصًا من مخيم عين الحلوة ملاذًا لها، وأخرى وقد سمت نفسها “فتح الإسلام” اقترن اسمها بمخيم نهر البارد الذي خاض فيه الجيش اللبناني ملحمة بطولة ورجولة، حتى اقتلع هذا التنظيم الإرهابي من جذوره، وإن كلف الأمر 170 شهيدًا ومئات الجرحى والمعوقين… وتهريب شاكر العبسي تحت جنح الظلام السياسي.

وهل ننسى مجزرة عين علق، وسلسلة التفجيرات التي طاولت مناطق كثيرة، واستهدفت من ضمن ما استهدفت حافلات ومراكز للجيش؟ وهل تذكرون عبرا وكراكوزها المتواري، وقد كلفت الجيش أيضًا نحو 20 شهيدًا، وعشرات الجرحى… حتى كانت الحرب في سوريا، وقد واكبها في لبنان مسلسل من الاعتداءات استشهد من جرائها خيرة من الضباط والعسكريين، ومسلسل آخر من السيارات المفخخة والعمليات الانتحارية، ومسلسل ثالث تمثل باعتقال مجموعة من الإرهابيين الخطرين، قضى بعضهم، وما زال بعض آخر قيد التحقيق أو التوقيف… من دون أن نغفل “زعران محاور” طرابلس، وقد أرعبوا مدينة العلم والسماح وجعلوا أهلها الـ400 ألف أسرى نزواتهم وغيهم وارتباطاتهم المشبوهة بجهات خارجية ومحلية سياسية…  وصولًا إلى فصل “الوسخ” الأخير في عرسال، الذي لم تنتهِ فصوله بعد، وقد برزت فيه للمرة الأولى مشاركة “داعش” المفضوحة. المفضوحة لأنها سفرت عن وجهها الحقيقي ووجودها على حدودنا وفي داخل أرضنا، ولأنها فضحت مَن تستَّر طويلًا على هذا الوجود، وما زال يتستر… والخشية أن تكون “غيرة” وزير العدل على إحراق راية داعش في الأشرفية، في صلب هذا التستر، لا سمح الله وقدر!!!

أما “الوسخة” الكبرى فحال سجن روميه، حيث يقيم إرهابيو المنظمات التكفيرية إمارة… لم تجد لها مكانًا تحت السجادة، فبقيت تحت مرأى العين، وعلى عين عجز السلطة عن إزالتها.

وها هي الأخبار اليوم تتحدث عن تبادل مخطوفي الجيش وقوى الأمن الداخلي لدى داعش وأخواتها، ضحايا معركة عرسال، بموقوفين من هؤلاء التكفيريين في سجن روميه… فيا سجادات الأرض انمدي وخبئي ما تبقى من هيبة وكرامة!!!

جبل النفيات تحت السجادة رائحته بشعة.

وأبشع منها أن بعض أرباب البيت اللبناني مسرورون بحدف “الوسخ” تحت السجادة، ولم يقرروا بعد يومًا لـ”العزيل”. فشهِّلوا، يا سادة يا كرام، في تحديد هذا اليوم، فنفرش لكم السجاد الأحمر على أرض نظيفة، وإلَّا “عزَّلكم” تخاذلكم أمام غزو “الوسخات” لكم ولدياركم وبيوتكم وما تحت سجادكم وما فوق سجادكم.

حبيب يونس

اضف رد

إضغط هنا

أحدث المقالات